الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات للتعامل مع الزوج الذي ينكر معروف زوجته ويتحدث مع امرأة لا تحل له

السؤال

تجسست على زوجي، واكتشفت أنه ما زال يتحدث مع حبيبته القديمة التي تزوجت للتو، وقال لها إن النفور بيني وبين زوجتي بسبب عدم اقتناع زوجتي بخدمة أهلي، وسماعها لكلام الشيوخ.
وبالرغم من أني في الحقيقة جعلني خادمة لهم وليس لي دور مستقل، ولديهم ابنتان تذهبان للعمل ولا تعملان شيئا في البيت، وأنا أنظف دورهم الأول وأطبخ وأخبز في الصباح لزوجي ولهم، وأنظف بيتي.
وقد ردت عليه بأني بلا أدب وبلا أخلاق، فمن واجبي خدمة أهله، وهي لا تعلم شيئا، وهو رد عليها: فلهذا قلبي لم يختر غيرك، ولم يدافع عني بكملة، علماً بأنه هو من اختارني وتركها وتقدم لخطبتي، وأوهمها بأن والدته هي من اختارتني.
وقال لها أيضا عن أمورنا الجنسية بأنه وهب لها فقط أمور الجنس والحنان، وأنه معي يؤدي واجبه، والذي يربطنا فقط الأطفال، لدينا طفل يبلغ سنتين وخمسة أشهر، وأنا حامل في شهري الثامن.
هذا ما صدمني وأفقدني عقلي، كيف لشخص أن يتحدث مع امرأة لم تتق الله في نفسها ولا في زوجها، ويتكلمان بأمور لا يجب أن يتكلم فيها مع والدته.
كيف لشخص ينام ويستيقظ وهو يقول لي كلام الحب والحنان وهذه المشاعر، أن يتحدث عن زوجته بهذه الطريقة.
لم أعلم كيف أتعامل معه، وعندما تحدثت معه في هذا الأمر وقلت له إني قرأت، أنكر، وقال: أرسلي لي الصور إذا كنت تملكين دليلا، وأرسلت له فعلاً. ولكنه قال: كيف لي أن أتجسس عليه، وأن هذا كله بسببي؛ لأني 3 سنوات زواج كل يوم أقول له: أمك عملت، أختك عملت.
والدته لم تحبني قط، ولم تعاملني كابنتها، جميعهم يريدوني خادمة لهم، وكنت أتلقى كلاما جارحا منهم، ولا أستطيع أن أخبر أهلي، فكان عندما يراني متضايقة يسألني: ماذا بك؟ فأقوم بإخباره، لأنه ليس لدي من أشكو له بعد الله، وهذا ليس مبرراً لما قاله.
فأرجوكم أخبروني كيف أتعامل مع هذا الشخص؟ وكيف أكمل بقية حياتي؟
قال إنه يريد السفر وأصبح السفر أول أولوياته، ولم يحاول أبدا الاعتذار عما بدر منه أو طلب المسامحة.
وأنا لا أستطيع مسامحته، فقط الآن أقوم بدور الزوجة من تنظيف لأهله ولبيتي وطباخة وتربية ابني، وتجهيز ملابسه للذهاب للعمل، ولا يوجد بيننا كلام، وهو أصبح يخرج الصباح للعمل ويرجع ليلاً، وأنا وابني أصبحنا نياما، هذا أصبح حالنا.
أريد توجيها منكم ونصيحة؛ لكي أعرف كيف أتعامل مع هذا الشخص، فأنا لا أستطيع النوم معه، بسبب قراءتي للكلام السيء في حقي، والكلام المحرم أخرجه لأحد، كلام فراش الزوجية.
وآسفة للإطالة أرجوكم أفيدوني. وأرجو من الله أن يخرجني مخرج خير، ويجبر انكسار قلبي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلنبدأ بما ذكرت من تجسسك على هاتف زوجك، فهذا منك منكر عظيم، فالتجسس محرم، وجاء الشرع بالنهي عنه، كما بينا في الفتوى: 60127.

وإن صح أنه يكلم امرأة أجنبية، وأنه تكلم عنك عندها بسوء، وافترى عليك كذبا، فهو على خطر عظيم، ويزداد السوء بما ذكرت من كلامه معها على أسرار الفراش.

ولا يجب على المرأة خدمة أهل زوجها، كما سبق وأن بينا في الفتوى: 33290.

فإن كنت تقومين بخدمة أهله على نحو ما ذكرت، فهذا معروف ينبغي أن يشكرك عليه، وجميل ينبغي أن يحفظه لك، لا أن ينكر هذا المعروف، بل ويبوح بهذا الإنكار لهذه المرأة، وعلى كل فمن حقك الامتناع عن خدمتهم، وليس لزوجك إلزامك بذلك.

لكن نوصيك بالصبر عليه، فعاقبة الصبر خير في الدنيا والآخرة، كما بينا في الفتوى: 18103.

واعملي على مناصحته برفق ولين، وتذكيره بالله تعالى، وأنه يجب عليه أن يتوب من تلك المنكرات، وأكثري من الدعاء له بخير فلعل الله سبحانه يجعلك سببا لصلاحه.

فإن صلح حاله، فالحمد لله، وإلا فللمرأة الحق في طلب الطلاق من زوجها إذا كانت متضررة منه، ولكن الطلاق قد لا يكون الأصلح دائما وخاصة إذا رزق الزوجان الأولاد، فيكون الصبر والاستمرار في النصح هو الأفضل.

وإن شئت أن لا تسامحيه فيما بدر منه تجاهك من تقصير فلك ذلك، ولكن العفو أفضل، وله ثمراته العظيمة في الدنيا والآخرة. وراجعي الفتوى: 27841.

وبخصوص ما ذكرت من كونه يريد السفر، فهذا من حقه، وفي المقابل من حقك عليه أن لا يغيب عنك أكثر من ستة أشهر إلا برضاك، كما هو مبين في الفتوى: 418687.

بقي أن نعلق على ما وصفت من الحال بينك وبين أهله وخاصة أمه، فالمشاكل بين الزوجة وأهل زوجها مما يحدث كثيرا، ولو استشعر الجميع عظم هذه العلاقة وما جاء به الشرع من حسن التعامل بين الأصهار، لانتشرت الألفة والمودة بينهم، وأمكن تجاوز كل مشكلة يمكن أن تحدث، ونوصي بتوسيط أهل الخير ليسعوا بالإصلاح، وراجعي الفتوى: 113799.

وننبهك إلى أن ما حدث من زوجك لا يسوغ لك الامتناع عن إجابته إذا دعاك للفراش، وراجعي الفتوى: 413947.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني