الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذرت أن تحلق شعر وليدها عند مسجد الحسين

السؤال

سيدة كانت لا تنجب فنذرت لله وقالت إن رزقني الله بمولود سوف أحلق له عند مسجد الحسين وأتبرع بمبلغ من المال هناك بالقاهرة وه] من محافظة سوهاج
أفيدونا هل توفي بالنزر وان لم تف به فهل عليها وزر؟
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنذر هذه المرأة نذر معصية لا يجوز لها الوفاء به، ذلك أن المشروع في زيارة القبور تذكر الآخرة والدعاء للميت والسلام عليه، وأما زيارة القبر للتبرك به والتماس الخير عنده وإنفاق الأموال على المزارات والأضرحة أو على من يكون عندها ترويجا للباطل، واعتقادا بأفضلية الإنفاق في ذلك المكان فبدعة وضلال.

ويزداد الأمر سوءا في حق هذه المرأة التي نذرت أن تحلق رأس مولودها عند القبر، فإن كانت تحلق رأسه تقربا إلى صاحب القبر، فهذا والعياذ بالله شرك أكبر، لأن الحلق يكون في بعض صوره عبادة، والعبادة لا تصرف إلا لله تعالى، وصرفها لغيره شرك.

أما إن كانت تحلق هذا تبركا، فبدعة شنيعة وضلال عظيم، فأي مزية للحلق عند المزار والضريح

ويضاف إلى ذلك أن زيارة المرأة للقبر مختلف فيها عند العلماء، بين محرم وكاره ومبيح، ولكنهم اتفقوا على أنها إذا علمت أنها إذا زارت القبر بدا منها ما لا يجوز من قول أو عمل، لم تجز لها الزيارة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا علمت المرأة من نفسها أنها إذا زارت المقبرة بدا منها ما لا يجوز من قول أو عمل، لم تجز لها الزيارة بلا نزاع. اهـ.

وجاء في الفروع لابن مفلح: من أنواع النذر قال: ومحرم (أي نذر محرم) من يعظم شجرة أو جبلا أو مغارة أو قبرا أو نذر له، أو لسكانه أو للمضافين إلى ذلك المكان لم يجز ولا يجوز الوفاء به إجماعا. اهـ.
وجاء في "أسنى المطالب" من كتب الفقه الشافعي: في العوام الذين ينذرون للقبور والأضرحة، فقال: وإن قصد به وهو الغالب من العامة تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيها أو نسب إليه، فهذا نذر باطل غير منعقد، فإنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء. اهـ.

وقال الرحيباني في "مطالب أولي النهى" قال الشيخ تقي الدين: يحرم الذبح والتضحية عند القبر، ولو نذره ناذر لم يقم به، لحديث: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه. اهـ.

ولا يقل الحلق عن الذبح والتضحية، فالمقصود أن هذا النذر حرام ومعصية لا يحل الوفاء به، وعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني