الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال استرداد الابن الأموال من الأم إذا أنفقته على نفسها وأولادها

السؤال

أعمل بالخارج، وكنت أقوم بإرسال أموال إلى والدتي لتدخرها لي لوقت الحاجة، وتنفق على نفسها إن احتاجت. فأنفقت هذه الأموال دون الرجوع إليَّ على زواج أختي, وكانت تطلب مني مبالغ كبيرة لمساعدة أخي الذي كان دائما يثير المشكلات، ويستدين الأموال من الناس.
أرجو من الله له الهداية، وكنت أرسلها فقط إرضاءً لها، ولولا هذا ما كنت أرسلتها.
والآن هي تريد شراء قطعة أرض، وتمليكها لي في حياتها حتى لا تدخل في الميراث. علما بأن الأموال التي كنت أرسلها للادخار كنت أنتظر ردها لي، والأموال الأخرى لم أكن أنتظر منها الرد. فهل يجوز أن تكتب لي قطعة أرض؟ وهل يجوز ان تعطيني أمولا عوضا عما أنفقته على إخوتي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما المال الذي أرسلْتَه لأمك لتنفقه على نفسها؛ فليس لك أن تسترده؛ لأنه إن كان هدية منك، فالهدية لا تسترد، وإن كانت فقيرة، فنفقتها واجبة عليك. ففي كلا الحالين لا تسترد المال الذي أرسلته لها لنفقتها، وانظر الفتوى: 97810. حول النفقة على الأم بين الوجوب والاستحباب.

وليس لها أن تؤثرك بعطية كأن تكتب الأرض باسمك؛ لما دل عليه الشرع من المنع من التفضيل بين الأولاد ذكورا وإناثا من غير مسوغ شرعي، وانظر الفتوى: 411310. حول تفضيل الأمّ بعض أولادها على بعض في العطية، ومسوغات التفضيل.

وأما المال الذي أنفقته أمك على أخيك وأختك؛ فإن كانا ممن تجب نفقتهما عليك؛ فليس لك أن تسترده أيضا، وقد بينا في فتاوى سابقة متى تجب نفقة الأخ والأخت على أخيهم، وانظر الفتويين التاليتين: 44020، 64958.

وأما إن كانت نفقتهما ليست واجبة عليك، وأنفقته أمك عليهما دون إذنك؛ فلك الحق في أخذ المال، لا سيما إن كانت غنية، وأرادت هي من تلقاء نفسها دون مطالبة منك أن ترده إليك، فلا حرج عليك في أخذه.

وإذا تقرر أن لك الحق في المال، فلو دفعت لك شيئا آخر عوضا عنه، وتصالحتما عليه؛ فلا إشكال. كأن تعطيك أرضا مقابل ما لك من مال، إلا إذا كانت قيمة الأرض كبيرة مقابل المال الذي لك، فيظهر هنا أنها أرادت تخصيصك بالهبة، لا مجرد إرجاع حقك لك.

وقد ذكرنا في فتاوى سابقة أن بيع الوالد لولده شيئا، ومحاباته في الثمن هو في الحقيقة هبة في صورة بيع، وأنه يجب فيها العدل. وانظر الفتويين التاليتين: 45188، 237985.

والأم مطالبة بالعدل بين أولادها كالأب، وليس لها أن تفاضلك على إخوانك بتلك الأرض، ولو في صورة فيها معاوضة.

وأما إن كانت سترد حقك لك بناء على مطالبتك؛ فقد سبق أن بينا حكم مطالبة الولد لأبيه بماله الذي له عليه، وذلك في الفتوى: 65184. وذكرنا هناك أن له على قول الجمهور مطالبة والده بماله إذا كان الوالد غنيا عنه، لا سيما إذا كان الولد محتاجا للمال، وإن ترك المطالبة به، فإنه يؤجر على ذلك، لأنه من البر والإحسان بالوالد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني