الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يجتهد المرء في منع ما يستطيع من الشر، ولا حرج عليه في ما لا يستطيع

السؤال

أعمل في منصة تواصل اجتماعي، وعند تقديم بلاغ بحق منشور أدقق في المنشور، وأحذف المقطع السيء، أو أحظر المحتوى بشكل كامل، وقد يكون المحتوى مقطع فيديو فيه إساءة لفظية، أو تشهير، أو مشهد عنف، أو مشهد إباحي. فما حكم هذا العمل؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحذف المحتوى المسيء وحظره، مما يُشكر عليه فاعله، ويؤجر إن صلحت نيته، وهو من باب النهي عن المنكر، وبذل النصح للخلق، وبالتالي فالعمل في هذا المجال لا حرج فيه، بل هو مطلوب ومندوب، حتى ولو كان هناك مقاطع ومنشورات فيها بعض المحاذير الشرعية لا يستطيع حذفها أو حظرها، مع قدرته على حذف غيرها وحظره، فلا يترك العمل لأجل ذلك، فيشغل هذا الموقع من لا يبالي بوجود الشر ونشره، بل يجتهد في منع ما يستطيع من الشر، ولا حرج عليه في ما لا يستطيع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (السياسة الشرعية): مدار الشريعة على قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} المفسر لقوله: {اتقوا الله حق تقاته}. وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. أخرجاه في الصحيحين. وعلى أن الواجب تحصيل المصالح وتكميلها؛ وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما: هو المشروع. اهـ.

وقال أيضًا: ليس عليه أن يستعمل إلا أصلح الموجود، وقد لا يكون في موجوده من هو أصلح لتلك الولاية، فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه، وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام، وأخذه للولاية بحقها، فقد أدى الأمانة، وقام بالواجب في هذا، وصار في هذا الموضع من أئمة العدل المقسطين عند الله؛ وإن اختل بعض الأمور بسبب من غيره، إذا لم يمكن إلا ذلك، فإن الله يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم} ... وقال: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}، فمن أدى الواجب المقدور عليه فقد اهتدى ... اهـ، وراجع الفتوى: 423523.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني