الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخفت هي وأسرتها عن الزوج أنها مصابة بالمس

السؤال

ما الحكم في امرأة أخفت هي وأسرتها على خطيبها بأن بها مسا أو جنا حتى اكتمل الزواج، وعندما أردت الدخول بها راودتني شكوك حتى علمت بالأمر وهي الآن لا تحتملني ولا أهلي وهي الآن في بيت أهلها بناء على إلحاحها وإرادتها من غير موافقتي وهي لا تريد أن تكون مع زوجها، مع العلم بأنها قريبتي وأني وثقت بها كل الثقة هي وأهلها، والآن أنا في حيرة من أمري ولا أجد حلا أمامي إلا الطلاق، وما زاد في غضبي وهو أنها لم تطلب مني هي وأهلها الاعتذار، وقضية المس هذه راجعة إلى اختلاطهم بالصوفية الذين يستعينون بالجن والشعوذة، وأخيراً أريدكم أن ترشدوني لما يرضي الله ورسوله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الأمر قد وصل بهذه المرأة إلى حد الجنون ، فإن الجنون من العيوب التي نص الفقهاء على أنها يثبت بها خيار الفسخ في النكاح، وقد سبق بيان هذه العيوب بالفتوى رقم: 19935.

وقد نص فقهاء الحنابلة على أن الخيار يثبت ولو بمجرد الوسواس إذا كان صاحبه يعبث، ويؤذي، ففي الإنصاف للمرداوي قوله: ونقل حنبل: إذا كان به جنون أو وسواس، أو تغير في عقل، وكان يعبث ويؤذي رأيت أن أفرق بينهما، ولا يقيم على هذا. انتهى

وذكر فقهاء الشافعية أن مجرد الصرع، ولو من غير جنون يثبت الخيار كالجنون، ففي حاشية الرملي على أسنى المطالب: والصرع من غير جنون حكمه حكم الجنون. انتهى

ولا يثبت خيار الفسخ إلا بتوفر ضوابط معينة، وهذه الضوابط هي:

الأول: وجود هذا العيب قبل العقد.

الثاني: عدم العلم به قبل العقد.

الثالث: عدم فعل ما يدل على الرضى به بعد الاطلاع عليه.

فإذا توفرت هذه الضوابط ثبت لك الخيار في فسخ هذا النكاح أو إمضائه، ولا شك أن صبرك عليها وإبقاءها في عصمتك، والسعي في طلب علاجها فيه ما فيه من الأجر العظيم، ومن المودة وصلة الرحم.

وإن اخترت فسخ النكاح، وكان ذلك بعد الدخول بها، فإنها تستحق الصداق كاملاً، ويرجع به على من غرك من زوجة أو وكيل أو ولي.

قال ابن قدامة في المغني: الفصل الثاني: أن الفسخ إذا كان بعد الدخول، فلها المهر، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالدخول.

وقال في موضع آخر: الفصل الرابع: أنه يرجع بالمهر على من غره، وقال أبوبكر فيه روايتان، إحداهما: يرجع به. والأخرى: لا يرجع، والصحيح أن المذهب رواية واحدة، وأنه يرجع به. انتهى

يعني على من غره، سواء كان الذي غره الولي أو المرأة، وإن اخترت الفسخ قبل الدخول بها، فإنها لا تستحق شيئاً. قال ابن قدامة: الفصل الأول: أن الفسخ إذا وجد قبل الدخول فلا مهر لها عليه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني