الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجب على الكافر الوفاء بنذره إذا أسلم

السؤال

سماحة الشيخ
امرأة نذرت أن تذبح شاة لله كل عام وهي على الشرك ولم تذبح ولكن الآن هداها الله عز وجل فماذا تفعل؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب على الكافر إذا أسلم الوفاء بما نذره من القربات حال كفره عند الجمهور، ولا يستحب ذلك عند الحنفية. قال الحصكفي رحمه الله في الدر المختار: لو نذر الكافر بما هو قربة لا يلزمه شيء.

وذهب المالكية والشافعية إلى استحباب الوفاء دون وجوبه. قال الخرشي رحمه الله وهو من المالكية في شرح المختصر: يشترط في الملتزم للنذر أن يكون مسلماً مكلفاً فلا يلزم الوفاء بنذره، لو أسلم ندب له الوفاء به.

وقال النووي رحمه الله وهو من الشافعية في المجموع: وأما الكافر ففي نذره وجهان: (الصحيح) أنه لا ينعقد (والثاني) ينعقد.

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: ولا يلزم الكافر وفاء ما نذره في كفره بعد إسلامه، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه في نذر كان نذره في الجاهلية: أوف بنذرك. محمول على الندب. وحجة الجمهور أن النذر سبب وضع لإيجاب القربة فلم يصح من الكافر كالإحرام.

وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم وهو وجه عند الشافعية كما سبق إلى أن نذره صحيح يشرع له أن يفي به إذا أسلم، لما في الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة، وفي رواية: يوما في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك.

قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: يصح النذر من المسلم مطلقاً بلا نزاع ويصح من الكافر مطلقاً على الصحيح من المذهب. وعليه جماهير الأصحاب... وقيل: بغير عبادة.

وقد بوب البخاري على هذه المسألة بقوله: باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنساناً في الجاهلية ثم أسلم. وقال الحافظ في الفتح: أي هل يجب عليه الوفاء أو لا، ثم قال: فمن نذر أو حلف قبل أن يسلم على شيء يجب الوفاء به لو كان مسلماً، فإنه إذا أسلم يجب عليه على ظاهر قصة عمر قال: وبه يقول الشافعي وأبو ثور كذا قال وكذا نقله ابن حزم عن الإمام الشافعي والمشهور عند الشافعية أنه وجه لبعضهم وأن الشافعي وجل أصحابه على أنه لا يجب، بل يستحب، وكذا قال المالكية والحنفية، وعن أحمد في رواية: يجب وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكية والبخاري وداود وأتباعه قلت: إن وجد عن البخاري التصريح بالوجوب قبل وإلا فمجرد ترجمته لا يدل على أنه يقول بوجوبه، لأنه محتمل لأن يقول بالندب. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني