الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصبر على الأم كما صبرت

السؤال

أنا أب لثلاثة أبناء أبلغ من العمر 48 سنة، الأم نعمل على إرضائها وطاعتها غير أنها وللأسف تعمل على التفرقة بيننا نحن الإخوة، تعمل على طرد بعض أبنائها عند زيارتها، أما أنا أحيانا عند زيارتها لا تعمد إلى فتح الباب لتزعم لاحقا أنني لا أزورها والله يشهد ويعلم أن الواقع خلاف ذلك، أختي بالخارج ترسل إليها مبالغ بانتظام، أخي يؤدي أجرة الكراء، آخر يؤدي واجب الماء والكهرباء والهاتف.. الكل يعيلها ماديا ومعنويا... غير أنها تطلب منا المزيد لتضع كل ما تجلبه في حساب ابنة لأخت لنا تفضلها علينا جميعا وعلى أطفالنا، علما بأنها أكبر أحفادها.. كانت في الماضي تحرض أبانا علينا وتخلق مشاكل جانبية ونظرا لكونه كان مريضا لم يكن يستطيع حسم الموقف.. وأحمد الله أنه كان يحبنا جميعا ويحب أحفاده بدون تمييز وقد وافته المنية بعد أن غسلت له في الحمام وشهد الشهادتين مرتين ليموت وهو على وضوء.. لا نرغب في أن نكون من الذين يعقون الوالدين.. ولكن ماذا عسانا أن نفعل في أم تغلق الباب في وجه أبنائها لا تحمد الله لا ترغب في حبنا ولا طاعتنا بل في ما نقدمه لها من مال؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحق الوالدين عظيم، وخصوصاً الأم، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}، وفي الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.

هذا حق ثابت للأم لا يسقطه أو ينقصه سوء خلقها، أو فسقها، بل ولا حتى شركها وكفرها، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، وما يعانيه السائل وإخوانه من أمهم من صد وطرد وتفريق وغيرها أمور لا تجوز وتناصح الأم فيها، لكنها لا تؤثر على حقها وواجبهم نحوها، فنوصيهم بالصبر على هذه الأمور واحتساب الأجر من الله سبحانه، وينبغي لهم تذكر أنها قد صبرت عليهم كثيراً في حلمها لهم وتربيتهم والسهر عليهم وإبعاد الأذى عنهم فليصبروا عليها كذلك.

وننبه السائل وإخوانه إلى أن النفقة على الأم واجبة في حال فقرها وحاجتها، وفقدان المعيل وهو الزوج، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.

فيجب على الأبناء الذكر والأنثى على حد سواء الإنفاق عليها بحسب يسار كل واحد وحالته المادية، وإن لم تكن محتاجة فيكون هذا من البر بها والإحسان الذي أمر الله به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني