الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة والتستر بستر الله

السؤال

أنا شاب عمري 24 سنة مشكلتي كبيرة فقد ارتكبت من المعاصي ما يغضب الله تعالى وقد تبت وأدعو ربي أن يقبل توبتي فقد كنت أصلي منذ سن مبكر ثم تركت الصلاة ثم عدت للصلاة مرات عديدة حتى تركتها نهائيا وذلك بسبب مرافقتي لأصحاب السوء وأنا أعلم أنها عماد الدين بل الأكثر من هذا فقد زنيت ثلاث مرات وأنا أعلم أنه حرام، مع العلم بأنني غير متزوج وشربت الخمر مرات عديدة قد تصل في أبعد تقدير إلى 80 مرة واستعملت أنواعا مختلفة من المخدرات وأنا أعلم أنه حرام وأفطرت 3 أيام في أحد أشهر رمضان وأنا متعمد بل الأكثر من هذا أكلت أموال الناس بالباطل وأنا الآن نادم أشد الندم وأدعو الله أن يغفر لي وأن يقبل توبتي فهو الغفور الرحيم، سؤالي هو كالتالي: بالنسبة للصلاة أصلي صلاة الصبح لهذا اليوم وبعدها أصلي 6 صلوات صبح أخرى وهكذا الظهر والعصر... إلخ لمدة 3 سنوات حتى أكمل ما فاتني من الصلاة، فهل هذا جائز، أما بالنسبة للزنا فعقوبة الزنا 100 جلدة فهل تكفي 100 جلدة أو 300 جلدة وكذلك بالنسبة للخمر أتكفي 6400 جلدة أو 80 جلدة فقط وإن كان كذلك فكيف، وهل بتوبتي يسقط عني العقاب؟ أما بالنسبة لرمضان هل أصوم 6 أشهر متتالية أو شهرين ثم أستريح ثم شهرين...؟ أما بالنسبة لأموال الناس هل أرجع لهم أموالهم وأطلب منهم السماح وفي هذا حرج أو أرجع لهم أموالهم عن طريق غير مباشر كأن ينوب عني أحد الأصدقاء، مع العلم بأن مجموع قيمة هذه الأموال ليس بالشيء الكثير؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله الذي هداك للتوبة ومن عليك بالصلاح والاستقامة، ونسأله سبحانه تعالى أن يثبتك على ذلك حتى الممات، وفيما يتعلق بسؤالك، فأول ما نوصيك به هو أن تستر نفسك بستر الله جل وعلا، وأن لا تطلع أحداً على ما كان من أمرك، حتى ولو كنت في بلد تطبق فيه الحدود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا. رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي.

وإذا تمت لك التوبة النصوح فإن الله جل وعلا غفور رحيم، وقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ {الزمر:53-54}.

ومما يعين على التوبة من المعصية البعد عن دواعيها وأسبابها، ومواطنها، واجتناب أهلها، واستبدال ذلك بمخالطة الصالحين، والجلوس عندهم، والسماع منهم....

واعلم أنه ليس من شروط توبتك أن تجلد أية جلدة، لا في الخمر ولا في غيره، وأما ما أكلته من أموال الناس بالباطل، فإن توبتك لا تتم إلا برده إلى أهله بأي وجه تيسر لك، ولك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 42975.

وأما موضوع الصلاة والصيام، فنحيلك فيه على فتوانا رقم: 12700، ومنها يتبين لك أنك إذا قضيتهما بأي وجه يلائمك تكون قد برئت ذمتك منهما، ولا تلزمك كفارة الصيام عند جمهور أهل العلم إلا أن تكون جامعت في نهار رمضان وأنت صائم ولكن التكفير أحوط لك، وهو مذهب المالكية الذي هو مذهب بلدك، والأفضل عندهم فيه إطعام ستين مسكينا عن كل يوم أفطرته متعمداً منتهكا حرمة الصيام.

وأما إن كنت جامعت في نهار رمضان وأنت صائم فمذهب الجمهور أن تكفر بصيام شهرين متتابعين ولا تنتقل إلى الإطعام إلا بعد العجز عن الكفارة بالصيام، وليس يلزم تتابع الأشهر الستة، بل يكفي تتابع كل اثنين منها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني