[ ص: 575 ] المقصد الخامس  
من مقاصد هذا الكتاب  
القياس  
وما يتصل به من الاستدلال المشتمل على  
التلازم - والاستصحاب - وشرع من قبلنا  
والاستحسان - والمصالح المرسلة  
ثم ما له اتصال بالاستدلال  
وفيه فصول سبعة  
الفصل الأول : في تعريفه .  
الفصل الثاني : في حجية القياس .  
الفصل الثالث : في أركان القياس .  
الفصل الرابع : في الكلام على مسالك العلة ؟  
الفصل الخامس : فيما لا يجري فيه القياس .  
الفصل السادس : في الاعتراضات .  
الفصل السابع : في الاستدلال .  
 [ ص: 576 ]  [ ص: 577 ] الفصل الأول  
في  تعريفه   
وهو في اللغة : تقدير شيء على مثال شيء آخر ، وتسويته به ، ولذلك سمي المكيال مقياسا وما يقدر به النعال مقياسا ، ويقال : فلان لا يقاس بفلان ، أي لا يساويه .  
وقيل : هو مصدر قست الشيء ، إذا اعتبرته ، أقيسه قيسا ، وقياسا ، ومنه قيس الرأي ، وسمي  امرأ القيس  لاعتبار الأمور برأيه .  
وذكر صاحب الصحاح  وابن أبي البقاء  فيه لغة بضم القاف ، يقال : قسته أقوسه قوسا ، هو على اللغة الأولى من ذوات الياء ، وعلى اللغة الثانية من ذوات الواو .  
وفي الاصطلاح : حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ، أو نفيه عنهما ، بأمر جامع بينهما ، من حكم أو صفة .  
كذا قال   القاضي أبو بكر الباقلاني     .  
قال في المحصول : واختاره جمهور المحققين منا .  
وإنما قال : " معلوم " ليتناول الموجود والمعدوم ، فإن القياس يجري فيهما جميعا .  
واعترض عليه بأنه إن أريد بحمل أحد المعلومين على الآخر ، إثبات مثل حكم أحدهما للآخر ، فقوله بعد ذلك في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما إعادة لذلك ، فيكون تكرارا من غير فائدة .  
 [ ص: 578 ] واعترض عليه أيضا : بأن قوله في " إثبات حكم لهما " مشعر بأن الحكم في الأصل والفرع مثبت بالقياس ، وهو باطل ، فإن المعتبر في ماهية القياس إثبات مثل حكم معلوم لمعلوم آخر ، بأمر جامع .  
واعترض عليه أيضا : بأن إثبات لفظ " أو " في الحد للإبهام ، وهو ينافي التعيين الذي هو مقصود الحد .  
وقال جماعة من المحققين : إنه مساواة فرع لأصل في علة الحكم ، أو زيادة عليه في المعنى المعتبر في الحكم .  
وقال  أبو الحسين البصري     : وهو تحصيل حكم الأصل في الفرع; لاشتباههما في علة الحكم عند المجتهد .  
وقيل : إدراج خصوص في عموم .  
وقيل : إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق به .  
وقيل : إلحاق المختلف فيه بالمتفق عليه .  
وقيل : استنباط الخفي من الجلي .  
وقيل : حمل الفرع على الأصل ببعض أوصاف الأصل .  
وقيل : ( الجمع بين النظيرين ) ، وإجراء حكم أحدهما على الآخر .  
وقيل : بذل الجهد في طلب الحق .  
وقيل : حمل الشيء على غيره ، وإجراء حكمه عليه .  
وقيل : حمل الشيء على الشيء في بعض أحكامه بضرب من الشبه .  
وعلى كل حد من هذه الحدود اعتراضات يطول الكلام بذكرها .  
وأحسن ما يقال في حده : " استخراج مثل حكم المذكور ، لما لم يذكر بجامع بينهما " فتأمل هذا تجده صوابا إن شاء الله .  
 [ ص: 579 ] وقال إمام الحرمين : يتعذر الحد الحقيقي في القياس : لاشتماله على حقائق مختلفة ، كالحكم فإنه قديم ، والفرع والأصل فإنهما حادثان ، والجامع فإنه علة ، ووافقه ابن المنير على ذلك .  
وقال  الإبياري     : الحقيقي إنما يتصور فيما يتركب من الجنس والفصل ، ولا يتصور ذلك في القياس .  
قال  الأستاذ أبو إسحاق     : اختلف أصحابنا فيما وضع له اسم القياس على قولين :  
( أحدهما ) : أنه استدلال المجتهد ، وفكرة المستنبط .  
( والثاني ) : أنه المعنى الذي يدل على الحكم في أصل الشيء وفرعه ، قال : وهذا هو الصحيح انتهى .  
واختلفوا في  موضوع القياس      : فقال  الروياني     : وموضوعه طلب أحكام الفروع المسكوت عنها ، من الأصول المنصوصة بالعلل المستنبطة من معانيها; ليلحق كل فرع بأصله .  
وقيل غير ذلك ، مما هو دون ما ذكرناه .  
				
						
						
