المسلك العاشر
التنقيح في اللغة : التهذيب والتمييز ، ويقال : كلام منقح ، أي لا حشو فيه ، والمناط [ ص: 641 ] هو العلة . تنقيح المناط
قال ابن دقيق العيد : وتعبيرهم بالمناط عن العلة من باب المجاز اللغوي; لأن الحكم لما علق بها كان كالشيء المحسوس الذي تعلق بغيره ، فهو من باب تشبيه المعقول بالمحسوس ، وصار ذلك في اصطلاح الفقهاء بحيث لا يفهم عند الإطلاق غيره انتهى .
ومعنى تنقيح المناط عند الأصوليين : إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفارق ، بأن يقال : لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا ، وذلك لا مدخل له في الحكم ألبتة ، فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب له ، كقياس الأمة على العبد في السراية ، فإنه لا فرق بينهما إلا الذكورة ، وهو ملغى بالإجماع ، إذ لا مدخل له في العلية .
قال الصفي الهندي : والحق أن تنقيح المناط قياس خاص ، مندرج تحت مطلق القياس ، وهو عام يتناوله وغيره .
وكل منهما قد يكون ظنيا ، وهو الأكثر وقطعيا ، لكن حصول القطع فيما فيه الإلحاق بإلغاء الفارق أكثر من الذي الإلحاق فيه بذكر الجامع ، لكن ليس ذلك فرقا في المعنى ، بل في الوقوع ، وحينئذ لا فرق بينهما في المعنى .
قال : تنقيح المناط يقول به أكثر منكري القياس ، ولا نعرف بين الأمة خلافا في جوازه ، ونازعه الغزالي العبدري بأن الخلاف فيه ثابت بين من يثبت القياس وينكره ، لرجوعه إلى القياس .
وقد زعم أن هذا المسلك هو مسلك السبر والتقسيم; فلا يحسن عده نوعا آخر ، ورد عليه بأن بينهما فرقا ظاهرا ، وذلك أن الحصر في دلالة السبر والتقسيم لتعيين العلة ، إما استقلالا أو اعتبارا ، وفي تنقيح المناط لتعيين الفارق وإبطاله ، لا لتعيين العلة . الفخر الرازي