قد ذكر جماعة من أهل الأصول أن هذا الاعتراض قوي ، حتى قال  ابن الصباغ     : إنه من أصح ما يعترض به على العلة .  
وقال  السمعاني     : ذكر كثير من أصحابنا سؤال  عدم التأثير   ، ولست أرى له وجها بعد أن يبين المعلل التأثير لعلته ، وقد ذكرنا أن العلة الصحيحة ما أقيم الدليل على صحتها بالتأثير ، وقد جعله القائلون به منقسما إلى أقسام :  
( الأول ) : عدم التأثير في الوصف بكونه طرديا ، وهو راجع إلى عدم العكس السابق قبل هذا ، كقولهم : صلاة الصبح لا تقصر ، فلا تقدم على وقتها كالمغرب ، فقولهم : لا تقصر وصف طردي بالنسبة إلى وصف التقديم .  
( الثاني ) : عدم التأثير في الأصل بكونه مستغنى عنه في الأصل لوجود معنى آخر مستقل بالغرض ، كقولهم في بيع الغائب : مبيع غير مرئي ( فلا يصح ) كالطير في الهواء ، فيقال : لا أثر لكونه غير مرئي ، فإن العجز عن التسليم كاف; لأن بيع الطير لا يصح ، وإن كان مرئيا .  
وحاصله معارضة في الأصل; لأن المعترض يلغي من العلة وصفا ، ثم يعارضه المستدل بما بقي .  
قال   إمام الحرمين     : والذي صار إليه المحققون فساد العلة بما ذكرنا .  
 [ ص: 654 ] وقيل : بل يصح; لأن ذلك القيد له أثر في الجملة ، وإن كان مستغنى عنه ، كالشاهد الثالث بعد شهادة عدلين ، وهو مردود; لأن ذلك القيد ليس محله ، ولا وصفا له ، فذكره لغو ، بخلاف الشاهد الثالث ، فإنه متهيئ لأن يصير عند عدم صحة شهادة أحد الشاهدين ركنا .  
( الثالث ) : عدم التأثير في الأصل والفرع جميعا ، بأن يكون له فائدة في الحكم ، إما ضرورية ، كقول من اعتبر الاستنجاء بالأحجار ( عبادة متعلقة بالأحجار لم يتقدمها معصية ، فاشترط فيها العدد كالجمار ) .  
وإما غير ضرورية ، كقولهم : الجمعة صلاة مفروضة فلم تفتقر إلى إذن الإمام كالظهر ، فإن قولهم : مفروضة حشو لو حذف لم يضر .  
( الرابع ) : عدم التأثير في الفرع ، كقولهم : زوجت نفسها فلا يصح ، كما لو : تزوجت من غير كفء ، فيقال : غير كفء لا أثر له ، فإن النزاع في الكفء وغيره سواء . وقد اختلف فيه على أقوال :  
( الأول ) : الجواز ، قال الأستاذ  أبو بكر  ، وهو الأصح .  
( والثاني ) : المنع .  
( والثالث ) : التفصيل ، وهو عدم الجواز مع تبيين محل السؤال ، والجواز مع عدمه ، واختاره   إمام الحرمين     .  
( الخامس ) : عدم التأثير في الحكم ، وهو أن يذكر في الدليل وصفا لا تأثير له في الحكم المعلل به ، كقولهم في المرتدين الذين يتلفون الأموال : مشركون أتلفوا في دار الحرب ، فلا ضمان عليهم كالحربي ، فإن دار الحرب لا مدخل لها في الحكم ، فلا فائدة لذكرها; لأن من أوجب الضمان يوجبه وإن لم يكن في دار الحرب ، وكذا من نفاه ينفيه مطلقا .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					