الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        الفائدة الثالثة

                        في الفرض والبناء

                        قالوا : إنه يجوز للمستدل في الاستدلال ثلاث طرق :

                        ( الأولى ) : أن يدل على المسألة بعينها .

                        ( والثانية ) : أن يفرض الدلالة في بعض شعبها وفصولها .

                        ( والثالثة ) : أن يبني المسألة على غيرها .

                        فإن استدل عليها بعينها فواضح ، وإن أراد أن يفرض الكلام في بعض أحوالها جاز ; لأنه إذا كان الخلاف في الكل ، وثبت الدليل في بعضها ، ثبت في الباقي بالإجماع ، وإن أراد أن يفرض الدلالة في غير فرد من أفراد المسألة لم يجز .

                        وأما إذا أراد أن يبني المسألة على غيرها ، فإما أن يبنيها على مسألة أصولية ، وإما أن يبنيها على مسألة فرعية ، وعلى التقديرين إما أن يكون طريقها واحدة ، أو مختلفة ، فإن كانت واحدة جاز ، وإن كانت مختلفة لم يجز ، وهذا قول جمهور أهل الجدل .

                        وقال ابن فورك : لا يجوز الفرض والبناء ; لأن حق الجواب أن يطابق السؤال .

                        وقال إمام الحرمين : إنما يجوز إذا كانت علة الفرض شاملة لسائر الأطراف .

                        قال : والمستحسن منه هو الواقع في طرف يشتمل عليه عموم سؤال السائل ، وذلك محمول على استشعار انتشار الكلام في جميع الأطراف ، وعدم وفاء مجلس واحد باستتمام الكلام فيها .

                        وحاصله : إن ظهر انتظام العلة العامة في الصورتين ; كان مستحسنا ، وإلا كان مستهجنا ، وفائدته كون العلة قد تخفى في بعض الصور ، وتظهر في بعض آخر ، فالتفاوت بالأولية خاصة ، والعلة واحدة .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية