الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                وقعت حادثة ، وقف الأمير على فلان ، ثم على أولاده ، ثم من بعدهم على أولادهم ، ثم على أولاد أولادهم ، ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم من الذكور خاصة دون الإناث فإذا انقرض أولاد الذكور صرف إلى كذا فهل قوله من الذكور خاصة قيد للآباء والأبناء حتى لا تستحق أنثى ولا ولد أنثى ؟ أم هو قيد في الأبناء دون الآباء حتى يستحق ولد الذكر ، ولو من أولاد الإناث ؟ أم هو قيد للآباء دون أبناء حتى يستحق ولد الذكر ولو كان أنثى ؟ 84 - فأجبت هو قيد في الآباء دون الأبناء ; لأن الأصل كون الوصف بعد متعاطفين للأخير كما صرحوا به في باب المحرمات في قوله تعالى { من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } بعد قوله تعالى { وأمهات نسائكم وربائبكم } ولأن الظاهر أن مقصوده حرمان أولاد البنات لكونهم ينسبون إلى آبائهم ، ذكورا كانوا أو إناثا ، وتخصيص أولاد الأبناء ولو كانوا إناثا لكونهم ينسبون إليهم ، وبقرينة قوله بعده : فإذا انقرض أولاد الذكور ولم يقل أبناء الذكور ولا أبناء الأولاد [ ص: 252 ] والله سبحانه وتعالى أعلم .

                ثم بلغني أن بعض الشافعية جعله قيدا في الآباء والأبناء ووافقه بعض الحنفية فرأيت الإمام الإسنوي في التمهيد نقل أن الوصف بعد الجمل يرجع إلى الجميع عند الشافعية . 85 - وإلى الأخير عند الحنفية . 86 - وأن محل كلام الشافعية فيما إذا كان العطف بالواو وأما بثم فيعود إلى الأخير اتفاقا

                [ ص: 251 ]

                التالي السابق


                [ ص: 251 ] قوله : فأجبت هو قيد في الآباء دون الأبناء إلخ قيل : هذا خلاف المذهب بل بعيد عن الفهم ، والجواب أنه صفة للموقوف عليهم يعني لأنه لو كان صفة للأخير لكان قيدا في عقبهم ; لأنه الأجير . [ ص: 252 ]

                ( 85 ) قوله : وإلى الأخير عند الحنفية قيل : يفهم منه أن الحنفية يقولون برجوع الوصف إلى الأخير مطلقا مع أن المنقول خلافه ، نقل في وقف هلال : فإن قال لولدي وولد ولدي الذكور فهي للذكور من ولده وولد ولده من البنين والبنات وفي أوقاف الناصحي بعد ذكر ذلك قال : ألا ترى أنه لو قال على ولدي وولد ولدي الفقراء إني أعطي من كان فقيرا من ولد البنين والبنات ( انتهى ) .

                ورده أخو المؤلف في كتابه إجابة السائل بأن هذا خطأ نشأ من عدم التدبر في الكلام ولا شك أنه أخير باعتبار المضاف وأما كونه خلاف المنقول فممنوع ; لأن ما قاله هلال مبني على دخول أولاد البنات في أولاد الأولاد ، وقد علمت أن ظاهر الرواية عدم دخولهم والخلاف بينهم في دخول أولاد البنات في أولاد الأولاد ليس مما نحن فيه ، بل عدم الدخول هنا متفق عليه لما قد علمته من اشتراط كون الوجود ذكرا عن ذكر ( انتهى ) .

                أقول : فيه نظر فإن قوله إن المراد بالأخير المضاف إليه في قوله ثم على أولادهم ، ولا شك أنه أخير باعتبار المضاف كلاما لا يصدر عن عاقل فضلا عن فاضل فإن القاعدة المخرج عليها هذه الجزئية مفروضة فيما إذا تعقب الوصف متعاطفين فأكثر كما هو بمرأى ومسمع منه وظاهره أن لا عطف بين المضاف والمضاف إليه ، على أن المضاف إليه وإن كان أخيرا في اللفظ فهو أولى بحسب المرجع .

                ( 86 ) قوله : وإن محل كلام الشافعية فيما إذا كان العطف بالواو إلخ قال العراقي في فتاويه وقد أطلق أصحابنا في الأصول والفروع العطف ولم يقيدوه بأداة [ ص: 253 ] وممن حكى الإطلاق إمام الحرمين والغزالي والشيخان وزاد بعضهم على ذلك فجعل ثم كالواو وكالمتولي حكاه عنه الرافعي ومثل إمام الحرمين المسألة بثم ثم قيدها بطريق البحث بما إذا كان ذلك بالواو وتمامه فيه لكن بقي الكلام فيما إذا كان العطف في البعض بثم وفي البعض بالواو كما هنا




                الخدمات العلمية