[ ص: 205 ] فلما دخلت السنة الخامسة عشرة : كان فيها اليرموك ، وذلك أن وقعة الروم سار بهم هرقل حتى نزل أنطاكية ، ومعه من المستعربة : لخم ، وجذام ، وبلقين ، وبلى ، وعاملة ، وغسان ، ومن معه من أهل أرمينية بشر كثير ، فأقام بأنطاكية ، وسار في المسلمين إليهم في أربعة وعشرين ألفا ، وكان الروم مائة ألف ، فالتقوا أبو عبيدة بن الجراح باليرموك ، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كانت نساء قريش يضربن بالسيوف ، وكان تحت راية ابنه أبو سفيان بن حرب يزيد ، فجعل ينادي في المعركة : يا نصر الله اقترب ، حتى أنزل الله نصره وهزم الروم ، فقتل من الروم ومن معه من أهل أرمينية والمستعربة سبعون ألفا ، وقتل الله الصقلار وباهان رئيسين لهم .
ثم بعث أبو عبيدة بن الجراح في طلبهم ، فسلك الأعماق حتى بلغ عياض بن غنم ملطية ، فصالح أهلها على الجزية ، فسمع هرقل بذلك فبعث إلى ملطية ، فساق من فيها من المقاتلة وأمر بها فأحرقت .
[ ص: 206 ] وكان ممن قتل باليرموك من المسلمين : عمرو بن سعيد بن العاص ، وأبان بن سعيد بن العاص ، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد ، وسعيد بن الحارث بن قيس .
ولما حسر عن الشتاء سار بالمسلمين يريد سعد بن أبي وقاص القادسية ، وكتب إلى - رضي الله عنه - يستمده ، فبعث إليه عمر بن الخطاب عمر في أربعمائة رجل مددا المغيرة بن شعبة لسعد من المدينة ، وكتب إلى أن أمد أبي عبيدة بن الجراح سعدا بألف رجل من عندك ، ففعل أبو عبيدة ذلك ، وأمر عليهم عياض بن غنم الفهري ، وسمع بذلك رستم فخرج بنفسه مع من عنده من الأعاجم يريد سعدا ، وحج عمر بالناس .