الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم خرج أبو بكر سنة اثنتي عشرة ، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان ، وخرج لليلتين بقيتا من ذي القعدة ، وأحرم من ذي الحليفة ، وقدم مكة لسبع خلون من ذي الحجة ، وكان قد ساق معه عشر بدنات ، فخطبهم قبل التروية بيوم في مسجد الحرام ، وأمرهم بتقوى الله ونهاهم عن معصيته ، وعظم عليهم حرمة الإسلام ، وأمرهم بالقصد في مسيرهم والترفق ، وتلا عليهم آيات من القرآن ، ثم قال : من استطاع منكم أن يصلي الظهر بمنى غدا فليفعل ، ثم حج لهم ، ونحر البدن ، ورمى الجمار ماشيا ذاهبا وجائيا   .

ومات أبو العاص بن الربيع في ذي الحجة ، وكان يسمى جرو البطحاء ، وأوصى إلى الزبير بن العوام ، فزوج الزبير ابنته علي بن أبي طالب ، ثم قفل أبو بكر من الحج إلى المدينة ، فلما قدمها كتب إلى خالد بن الوليد يريد العراق ، وقد قيل : إنه قد قدم المدينة ، ثم خرج إلى العراق ، فلما بلغ خالد بن الوليد إلى قريات من السواد ، يقال لهن : بانقياء باروسما وأليبس ، صالح أهلها ، وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا [ ص: 183 ] فقبل منهم الجزية ، وكتب له كتابا : "بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من خالد بن الوليد لابن صلوبا السوادي ، ومنزله بشاطئ الفرات ، أنك آمن بأمان الله ممن حقن دمه بإعطاء الجزية ، وقد أعطيت عن نفسك ومن كان في قريتك ألف درهم فقبلناها ، ورضي من معي من المسلمين بها عنك ، فلك ذمة الله وذمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وذمم المسلمين على ذلك " . وشهد هشام بن الوليد . ثم أقبل خالد حتى نزل الحيرة ، وكان عليها قبيصة بن إياس بن حية الطائي أمير الكسرى ، فخرج إليه بأشرافهم ، فقال لهم خالد : أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ، فإن أجبتم إليه فأنتم من المسلمين ، لكم ما لهم وعليكم ما عليهم ، وإن أبيتم فالجزية ، فإن أبيتم الجزية فقد أتيتكم بأقوام أحرص على الموت منكم على الحياة ، جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم ، فقال له قبيصة بن إياس : ما لنا بحربك من حاجة ، بل نقيم على ديننا ونعطيك الجزية ، فصالحهم على تسعين ألف درهم كل سنة ،  فكانت أول جزية وقعت بالعراق هذه والتي صالح عليها ابن صلوبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية