الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
زياد بن أبي زياد الجصاص ، أبو محمد ، من أهل واسط ، يروي عن : الحسن وابن سيرين ، روى عنه : هشيم ويزيد بن هارون ، ربما وهم ، حدثنا أحمد بن علي بن المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن مطيع ، قال : ثنا هشيم ، عن زياد بن أبي زياد ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن قيس بن عاصم قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما دنوت منه سمعته يقول : هذا سيد أهل الوبر ، فسلمت عليه ثم قلت : يا رسول الله ، المال الذي لا يكون علي فيه تبعة من ضيف أضافني أو عيال إذا كثر ؟ [ ص: 321 ] فقال : نعم المال الأربعون من الإبل والأكثر ستون ، وويل لأصحاب المئين إلا من أعطى في رسلها ونجدتها وأفقر ظهرها وأطرق فحلها ونحر سمينها وأطعم القانع والمعتر ، قلت : يا رسول الله ما أكرم هذه الأخلاق وأحسنها أنه لا يحل بالوادي الذي أنا فيه أكثر من إبلي ، قال : فكيف تصنع بالمنيحة ؟ قال : قلت : إني لأمنح في كل عام مائة ، قال : وكيف تصنع بالعارية ؟ قال : يغدو الإبل ويغدو الناس ، فمن أخذ برأس بعير ذهب به ، قال : فكيف تصنع بالإفقار ؟ قال : إني لأفقر البكر الضرع والناب المدبر قال : فمالك أحب إليك أو مال مولاك ؟ قال : قلت : بل مالي ، قال : فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت ولبست فأبليت وأعطيت فأمضيت وما بقي فلمولاك ، قلت : لمولاي ؟ قال : نعم ، قال : أما والله لئن بقيت لأدعن عدتها قليلا ، قال الحسن : ففعل رحمه الله ، [ ص: 322 ] فلما حضرته الوفاة دعا بنيه فقال : يا بني خذوا عني فلا أحد أنصح لكم مني إذا أنا مت فسودوا كباركم ولا تسودوا صغاركم فتستسفه الناس كباركم ويهونوا عليهم ، وعليكم باستصلاح المال فإنه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم ، وإياكم والمسألة فإنها آخر كسب الرجل إن أحدا لم يسأل إلا بترك كسبه ، وإذا أنا مت فلفوني في ثيابي الذي كنت أصلي فيها وأصوم ، وإياكم والنياحة فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها ، وادفنوني في مكان لا يعلم به أحد فإنه قد كانت بيننا وبين بكر بن وائل خماشات في الجاهلية ، فأخاف أن يدخلوها عليكم في الإسلام فيعيبوا عليكم دينكم  ، قال الحسن : نصحا في الحياة ونصحا في الممات .

التالي السابق


الخدمات العلمية