الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الذي هو ملحق بالصريح فهو أن يقول لعبده : وهبت لك نفسك أو وهبت نفسك منك أو بعت نفسك منك ويعتق سواء قبل أو لم يقبل نوى أو لم ينو ; لأن الإيجاب من الواهب أو البائع إزالة الملك من الموهوب أو المبيع وإنما الحاجة إلى القبول من الموهوب له والمشتري لثبوت الملك لهما وههنا لا يثبت للعبد في نفسه ; لأنه لا يصلح مملوكا لنفسه فتبقى الهبة ، والبيع إزالة الملك عن الرقيق لا إلى أحد وهذا معنى الإعتاق ولهذا لا يفتقر إلى القبول فلا يحتاج إلى النية أيضا ; لأن اللفظ صريح في الدلالة على زوال الملك عن الموهوب والمبيع ، والإعتاق إزالة الملك وقد قال أبو حنيفة : إذا قال لعبده : وهبت لك نفسك وقال : أردت وهبت له عتقه أي : لا أعتقه ; لم يصدق في القضاء ; لأن الهبة وضعت لإزالة الملك عن الموهوب وهبة العتق استبقاء الملك على الموهوب فقد عدل عن ظاهر الكلام فلا يصدق في القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله عز وجل ; لأنه نوى ما يحتمله كلامه .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف فيمن قال لعبده : أنت مولى فلان أو عتيق فلان ; أنه يعتق في القضاء ; لأنه أخبر أنه معتق فلان ولا يكون معتق فلان إلا وأن يكون مملوكا لفلان فأعتقه فإن أعتقك فلان فليس بشيء ; لأن قوله : أعتقك فلان يحتمل أنه أراد أن فلانا أنشأ العتق فيك ولا يكون ذلك إلا بعد الملك ويحتمل أنه أراد به أنه قال لك للحال : أنت حر ولا ملك له فيه فلا يعتق بالشك والله عز وجل أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية