الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما إذا كان أضافه إلى وقت ، فلا يخلو إما إن أضافه إلى وقت واحد وإما إن أضافه إلى وقتين ، فإن أضافه إلى وقت واحد ، فإما إن أضافه إلى مطلق الوقت ، وإما إن أضافه إلى وقت موصوف بصفة .

                                                                                                                                وفي الوجوه كلها يشترط وجود الملك وقت الإضافة ; لأن إضافة الإعتاق إلى وقت إثبات العتق في ذلك الوقت لا محالة ولا ثبوت للعتق بدون الملك ، ولا يوجد الملك في ذلك الوقت إلا إذا كان موجودا وقت الإضافة ; لأنه إن كان موجودا وقت الإضافة فالظاهر أنه يبقى إلى الوقت المضاف إليه فيثبت العتق ، وإذا لم يكن موجودا كان الظاهر بقاءه على العدم ، فلا يثبت العتق في الوقت المضاف إليه لا محالة فيكون خلاف تصرفه ، والأصل اعتبار تصرف العاقل على الوجه الذي أوقعه .

                                                                                                                                أما الإضافة إلى وقت مطلق .

                                                                                                                                فنحو أن يقول لعبده : أنت حر غدا ، أو رأس شهر كذا ، فيعتق إذا جاء غد أو رأس الشهر ; لأنه جعل الغد ، أو رأس الشهر ظرفا للعتق ، فلا بد من وقوع العتق عنده ليكون ظرفا له ، وليس هذا تعليقا بشرط لانعدام أدوات التعليق وهي كلمات الشرط ، ولهذا لو حلف لا يحلف فقال [ ص: 81 ] هذه المقالة لا يحنث ، بخلاف ما إذ قال أنت حر إذا جاء غد ; لأن ذلك تعليق بشرط لوجود كلمة التعليق ، فإن قيل كيف يكون تعليقا بشرط ، والشرط ما في وجوده خطر ومجيء الغد كائن لا محالة ، قيل له من مشايخنا من قال : إن الغد في مجيئه خطر لاحتمال قيام الساعة في كل ساعة ، قال الله سبحانه وتعالى : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } فيصلح مجيء الغد شرطا لكن هذا الجواب ليس بسديد ; لأن الساعة لا تقوم إلا عند وجود أشراطها من خروج يأجوج ومأجوج ودابة الأرض وخروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب ووردت به الأخبار ، والجواب الصحيح أن يقال إن مجيء الغد ، وإن كان متيقن الوجود يمكن كونه شرطا لوقوع العتق ، وليس بمتيقن الوجود بل له خطر الوجود والعدم لاحتمال موت العبد قبل مجيء الغد ، أو موت المولى ، أو موتهما وحينئذ لا يكون شرطا لعدم تصور الجزاء ، على أن الشرط اسم لما جعل علما لنزول الجزاء سواء كان موهوم الوجود ، أو متيقن الوجود .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية