الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الذي يتعلق بأداء بدل الكتابة فهو عتق المكاتب ولا يعتق إلا بأداء جميع بدل الكتابة عند عامة العلماء ، وهو قول زيد بن ثابت رضي الله عنه وقال علي رضي الله تعالى عنه : يعتق بقدر ما أدى ويبقى الباقي رقيقا .

                                                                                                                                وقال ابن مسعود رضي الله عنه : إذا أعطى مقدار قيمته عتق ثم يصير بمنزلة الغريم وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : إذا كاتب العبد مولاه فهو غريم من الغرماء .

                                                                                                                                وهذا يدل على [ ص: 154 ] أن مذهبه أن المكاتب يعتق بنفس الكتابة ، وقد روى محمد بن الحسن عن شريح مثل ذلك ، وجه قول علي كرم الله وجهه إن المكاتبة عقد معاوضة فإذا أدى العبد بعض بدل الكتابة إلى المولى فقد ملك المولى ذلك القدر ، فلو لم يملك من نفسه ذلك القدر لاجتمع للمولى ملك البدل والمبدل وهذا لا يجوز ، وجه قول ابن مسعود رضي الله عنه إن قيمة العبد مالية فلو عتق بأداء ما هو أقل من قيمته لتضرر به المولى ، وإذا أدى قدر قيمته فلا ضرر على المولى ، وجه قول ابن عباس رضي الله عنهما أنه لو لم يعتق بنفس العقد لوجب للمولى على عبده دين ، ولا يجب للمولى على عبده دين ، ولأن الكتابة إعتاق على مال ، ومن أعتق عبده على مال وقبل العبد عتق ، والمال دين عليه ، كذلك ههنا ، وجه قول زيد بن ثابت رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم { المكاتب عبد ما بقي عليه درهم } وهذا نص في الباب ، ولأن المولى علق عتقه بأداء جميع بدل الكتابة فلا يعتق ما لم يؤد جميعه ، كما لو قال لعبده : إذا أديت إلي ألفا فأنت حر أنه لا يعتق ما لم يؤد جميع الألف ، كذا ههنا ثم العتق كما يثبت بأداء بدل الكتابة يثبت بأداء العوض عن بدل الكتابة ; لأن عوض الشيء يقوم مقامه ويسد مسده كأنه هو ، كما في البيع وغيره على أن بدل الكتابة دين في ذمة العبد ، وقضاء الديون يكون بأعواضها لا بأعيانها ، وكذا يثبت بالإبراء لما نذكر .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية