الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الذي يتعلق بما بعد موت المولى فمنها عتقها ; لأن عتقها كان معلقا شرعا بموت المولى لما روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أيما رجل ولدت أمته منه فهي معتقة عن دبر منه } .

                                                                                                                                وقد روينا عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين ولدت أم إبراهيم عليه السلام أعتقها ولدها } ومعلوم أنه لا يثبت حقيقة العتق في حال الحياة ، فلو لم يثبت بعد الموت لتعطل الحديث ، ولأن سبب ثبوت العتق قد وجد وهو ثبوت نسب الولد ولم يعمل في حال الحياة فلو لم يعمل بعد الموت لبطل السبب ، ويستوي فيه الموت الحقيقي والحكمي بالردة واللحوق بدار الحرب لما ذكرنا في كتاب التدبير .

                                                                                                                                وكذا الحربي والمستأمن إذا اشترى جارية في دار الإسلام واستولدها ثم يرجع إلى دار الحرب فاسترق الحربي عتقت الجارية لما ذكرنا في المدبر ، وكذا يعتق ولدها الذي ليس من مولاها إذ سرت أمومية الولد إليها على ما بينا ; لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية .

                                                                                                                                ومنها أنها تعتق من جميع المال ولا تسعى للوارث ولا للغريم بخلاف المدبرة لما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { أم الولد لا تباع ولا توهب وهي حرة من جميع المال } وهذا نص ، وروينا عن سعيد بن المسيب أنه قال { : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتق أمهات الأولاد من غير الثلث ، ولا يبعن في دين ولا يجعلن في الثلث } وفي بعض الروايات : { ولا يجعلن في الثلث ولا يستسعين في دين } ، وفي بعضها { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتق أمهات الأولاد من غير الثلث ولا يبعن في دين } ولأن سبب ثبوت حرية أم الولد هو ثبوت نسب الولد والنسب لا تجامعه السعاية ، كذا حرية الاستيلاد ومنها أن ولاءها للمولى ; لأن الإعتاق منه لما بينا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية