الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الذي يخص ولد العتاقة فمنها أن تكون الأم معتقة ، فإن كانت مملوكة فلا ولاء لأحد عليه ما دام مملوكا سواء كان الأب حرا أو مملوكا ; لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية ، فكان مملوكا لمولى أمه فلا يتصور الولاء ومنها أن لا تكون الأم حرة أصلية ، فإن كانت فلا ولاء لأحد على ولدها ، وإن كان الأب معتقا لما ذكرنا أن الولد يتبع الأم في الرق والحرية ولا ولاء لأحد على أمه فلا ولاء على ولدها ، فإن كانت الأم معتقة والأب معتقا فالولد يتبع الأب في الولاء ويكون ولاؤه لمولى الأب لا لمولى الأم ; لأن الولاء كالنسب والأصل في النسب هو الأب ومنها أن لا يكون الأب عربيا ، فإن كان الأب عربيا والأم مولاة لقوم فالولد تابع للأب ولا ولاء عليه ; لأن الولاء أثر من آثار الرق ولا رق على عربي ولو كان الأب نبطيا ، وهو حر مسلم لم يعتق وله ولاء موالاة ، أو لم يكن فالولد يتبع الأم في ولاء العتاقة عند أبي حنيفة ومحمد ، وعند أبي يوسف يكون تبعا للأب كما في العربي .

                                                                                                                                ( وجه ) قول أبي يوسف إن النسب يشبه النسب والنسب إلى الآباء ، وإن كان أضعف .

                                                                                                                                ألا ترى أن الأم لو كانت من العرب والأب من الموالي فالولد يكون تابعا لقوم الأب ولهما أن ولاء الأم لمواليها لأجل النصرة فيثبت للولد هذه النصرة ولا نصرة له من جهة الأب ; لأن من سوى العرب لا يتناصرون بالقبائل فصار كمعتقة تزوجت عبدا فيكون ولاء أولادها لمواليها ومنها أن لا يكون للأب مولى عربي ، فإن كان لا ولاية لأحد عليه ; لأن حكمه حكم العربي لقول النبي صلى الله عليه وسلم { إن مولى القوم منهم } ومنها أن لا يكون الولد معتقا ، فإن كان لا يكون ولاؤه لموالي الأب ولا لموالي الأم ، بل يكون لمن أعتقه ; لأنه إذا أعتق صار له ولاء نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم { الولاء لمن أعتق } فلا يكون تبعا لغيره في الولاء ، وبيان هذا الأصل يذكر في بيان صفة الولاء .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية