الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الإجارة الفاسدة ، وهي التي فاتها شرط من شروط الصحة فحكمها الأصلي هو ثبوت الملك للمؤاجر في أجر المثل لا في المسمى بمقابلة استيفاء المنافع المملوكة ملكا فاسدا ; لأن المؤاجر لم يرض باستيفاء المنافع إلا ببدل .

                                                                                                                                ولا وجه إلى إيجاب المسمى لفساد التسمية فيجب أجر المثل ، ولأن الموجب الأصلي في عقود المعاوضات هو القيمة ; لأن مبناها على المعادلة ، والقيمة هي العدل إلا أنها مجهولة ; لأنها تعرف بالحزر والظن ، وتختلف باختلاف المقومين ، فيعدل منها إلى المسمى عند صحة التسمية ، فإذا فسدت وجب المصير إلى الموجب الأصلي ، وهو أجر المثل ههنا ; لأنه قيمة المنافع المستوفاة ، إلا أنه لا يزاد على المسمى في عقد فيه تسمية عند أصحابنا الثلاثة ، وعند زفر يزاد ، ويجب بالغا ما بلغ ، بناء على أن المنافع عند أصحابنا الثلاثة غير متقومة شرعا بأنفسها ، وإنما تتقوم بالعقد بتقويم العاقدين ، والعاقدان ما قوماها إلا بالقدر المسمى فلو وجبت الزيادة على المسمى لوجبت بلا عقد وإنها لا تتقوم بلا عقد ، بخلاف البيع الفاسد فإن المبيع بيعا فاسدا مضمون بقيمته بالغا ما بلغ لأن الضمان هناك بمقابلة العين ، والأعيان متقومة بأنفسها فوجب كل قيمتها ، وفي قول زفر - وبه أخذ الشافعي - هي متقومة بأنفسها بمنزلة الأعيان فكانت مضمونة بجميع قيمتها كالأعيان .

                                                                                                                                هذا إذا كان في العقد تسمية فأما إذا لم يكن فيه تسمية فإنه يجب أجر المثل بالغا ما بلغ بالإجماع ; لأنه إذا لم يكن فيه تسمية الأجر لا يرضى باستيفاء المنافع من غير بدل كان ذلك تمليكا بالقيمة التي هي الموجب الأصلي دلالة ، فكان تقويما للمنافع بأجر المثل إذ هو قيمة المنافع في الحقيقة ، ولا يثبت في هذه الإجارة شيء من الأحكام التي هي من التوابع إلا ما يتعلق بصفة المستأجر له فيه ، وهي كونه أمانة في يد المستأجر حتى لو هلك لا يضمن المستأجر لحصول الهلاك في قبض مأذون فيه من قبل المؤاجر .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية