الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيان من يجوز قتله منهم ، ومن لا يجوز فكل من لا يجوز قتله من أهل الحرب من الصبيان والنسوان والأشياخ والعميان لا يجوز قتله من أهل البغي ; لأن قتلهم لدفع شر قتالهم فيختص بأهل القتال وهؤلاء ليسوا من أهل القتال ، فلا يقتلون إلا إذا قاتلوا ، فيباح قتلهم في حال القتال وبعد الفراغ من القتال ، إلا الصبيان والمجانين على ما ذكرنا في حكم أهل الحرب والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                ( وأما ) العبد المأسور من أهل البغي فإن كان قاتل مع مولاه يجوز قتله ، وإن كان يخدم مولاه لا يجوز قتله ، ولكن يحبس حتى يزول بغيهم فيرد عليهم .

                                                                                                                                ( وأما ) الكراع فلا يمسك ولكنه يباع ويحبس ثمنه لمالكه ; لأن ذلك أنفع له ، ولا يجوز للعادل أن يبتدئ بقتل ذي رحم محرم منه من أهل البغي مباشرة ، وإذا أراد هو قتله ، له أن يدفعه وإن كان لا يندفع إلا بالقتل فيجوز له أن يتسبب ليقتله غيره ، بأن يعقر دابته ليترجل فيقتله غيره بخلاف أهل الحرب فإنه يجوز قتل سائر ذوي الرحم المحرم منه مباشرة وتسببا ابتداء إلا الوالدين .

                                                                                                                                ( ووجه ) الفرق أن الشرك في الأصل مبيح لعموم قوله تبارك وتعالى { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } إلا أنه خص منه الأبوان بنص خاص حيث قال الله - تبارك وتعالى - { وصاحبهما في الدنيا معروفا } فبقي غيرهما على عموم النص بخلاف أهل البغي ; لأن الإسلام في الأصل عاصم لقوله صلى الله عليه وسلم { فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم } والباغي مسلم ، إلا أنه أبيح قتل غير ذي الرحم المحرم من أهل البغي دفعا لشرهم لا لشوكتهم ، ودفع الشر يحصل بالدفع والتسبيب ليقتله غيره ، فبقيت العصمة عما وراء ذلك بالدليل العاصم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية