الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) بيان حكم إصابة الدماء والأموال من الطائفتين فنقول : لا خلاف في أن العادل إذا أصاب من أهل البغي من دم أو جراحة أو مال استهلكه ، إنه لا ضمان عليه ( وأما ) الباغي إذا أصاب شيئا من ذلك من أهل العدل فقد اختلفوا فيه ، قال أصحابنا : إن ذلك موضوع وقال الشافعي - رحمه الله : إنه مضمون .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله أن الباغي جان فيستوي في حقه وجود المنعة وعدمها ; لأن الجاني يستحق التغليظ دون التخفيف .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روي عن الزهري أنه قال : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فاتفقوا أن كل دم استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل مال استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل فرج استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ومثله لا يكذب فانعقد الإجماع من الصحابة رضي الله عنهم على ما قلنا .

                                                                                                                                وإنه حجة قاطعة ، والمعنى في المسألة ما نبه عليه الصحابة رضي الله عنهم وهو أن لهم في الاستحلال تأويلا في الجملة وإن كان فاسدا لكن لهم منعة ، والتأويل الفاسد عند قيام المنعة يكفي لرفع الضمان ، كتأويل أهل الحرب ، ولأن الولاية من الجانبين منقطعة لوجود المنعة ، فلم يكن الوجوب مفيدا لتعذر الاستيفاء فلم يجب ، ولو فعلوا شيئا من ذلك قبل الخروج وظهور المنعة أو بعد الانهزام وتفرق الجمع يؤخذون به ; لأن المنعة إذا انعدمت الولاية وبقي مجرد تأويل فاسد ، فلا يعتبر في دفع الضمان ، ولو قتل تاجر من أهل العدل تاجرا آخر من أهل العدل في عسكر أهل البغي ، أو قتل الأسير من أهل العدل أسيرا آخر أو قطع ، ثم ظهر عليه فلا قصاص عليه ; لأن الفعل لم يقع موجبا لتعذر الاستيفاء وانعدام الولاية ، كما لو قطع في دار الحرب ; لأن عسكر أهل البغي في حق انقطاع الولاية .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية