ذكر مسيرة  هرثمة  إلى   المأمون  وقتله  
لما فرغ  هرثمة  من  أبي السرايا  رجع فلم يأت   الحسن بن سهل  ، وكان بالمدائن  ، بل سار على عقرقوف  حتى أتى البردان  ، والنهروان  ، وأتى خراسان  ، فأتته كتب   المأمون  في غير موضع أن يأتي إلى الشام  والحجاز  ، فأبى وقال : لا أرجع حتى ألقى أمير المؤمنين . إدلالا منه عليه ، ولما يعرف من نصيحته له ولآبائه ، وأراد أن يعرف   المأمون  ما يدبر عليه   الفضل بن سهل  ، وما يكتم عنه من الأخبار ، وأنه لا يدعه حتى يرده إلى بغداذ  ليتوسط سلطانه . 
 [ ص: 475 ] فعلم  الفضل  بذلك ، فقال  للمأمون     : إن  هرثمة  قد أثقل عليك البلاد والعباد ، ودس  أبا السرايا  ، وهو من جنده ، ولو أراد لم يفعل ذلك ، وقد كتب إليه عدة كتب ليرجع إلى الشام  والحجاز  فلم يفعل ، وقد جاء مشاقا يظهر القول الشديد ، فإن أطلق ( هذا كان مفسدة ) لغيره . 
فتغير قلب   المأمون  ، وأبطأ  هرثمة  إلى ذي القعدة ، فلما بلغ مرو  خشي أن يكتم قدومه عن   المأمون  ، فأمر بالطبول فضربت لكي يسمعها   المأمون  ، فسمعه فقال : ما هذا ؟ قالوا :  هرثمة  قد أقبل يرعد ويبرق . فظن  هرثمة  أن قوله المقبول ، فأمر   المأمون  بإدخاله ، فلما دخل عليه قال له   المأمون     : مالأت أهل الكوفة  العلويين ، ووضعت  أبا السرايا  ، ولو شئت أن تأخذهم جميعا لفعلت . 
فذهب  هرثمة  يتكلم ويعتذر ، فلم يقبل منه ، فأمر به فديس بطنه ، وضرب أنفه ، وسحب من بين يديه ، وقد أمر  الفضل  الأعوان بالتشديد عليه ، فحبس ، فمكث في الحبس أياما ، ثم دس إليه من قتله ، وقالوا : مات . 
				
						
						
