[ ص: 249 ] 254
ثم دخلت سنة أربع وخمسين ومائتين
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800مقتل بغا الشرابي
وفيها قتل
بغا الشرابي ، وكان سبب قتله أنه كان يحرض
المعتز على المسير إلى
بغداد ،
والمعتز يأبى ذلك ويكرهه ، فاتفق أن
بغا اشتغل بتزويج ابنته من
صالح بن وصيف ، فركب
المعتز ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=12222أحمد بن إسرائيل إلى
كرخ سامرا ، إلى
بايكباك التركي ومن معه من المنحرفين عن
بغا .
وكان سبب انحرافه عنه أنهما كانا على شراب لهما ، فعربد أحدهما على الآخر ، فاختفى
بايكباك من
بغا ، فلما أتاه
المعتز اجتمع معه أهل
الكرخ وأهل الدور ، ثم أقبلوا مع
المعتز إلى الجوسق
بسامرا ، وبلغ ذلك
بغا ، فخرج في غلمانه وهم زهاء خمسمائة إنسان من ولده وقواده ، فسار إلى السن ، فشكا أصحابه بعضهم إلى بعض ما هم فيه من العسف ، وأنهم خرجوا بغير مضارب ولا ما يلبسونه في البرد ، وأنهم في شتاء ، فأتاه بعض أصحابه ، وأخبره بقولهم ، فقال : دعني حتى أنظر الليلة .
فلما جن عليه الليل ركب في زورق ، ومعه خادمان وشيء من المال الذي صحبه ، وكان قد صحبه تسع عشرة بدرة دنانير ، ومائة بدرة دراهم ، ولم يحمل معه سلاحا ، ولا سكينا ، ولا شيئا ، ولم يعلم به أحد من عسكره .
وكان
المعتز ، في غيبة
بغا ، لا ينام إلا في ثيابه وعليه السلاح ، فسار
بغا إلى الجسر في الثلث الأول من الليل ، فبعث الموكلون بالجسر ينظرون من هو ، فصاح بالغلام ، فرجع ، وخرج
بغا في البستان الخاقاني ، فلحقه عدة من الموكلين ، فوقف لهم
بغا ، وقال : أنا
بغا ، إما أن تذهبوا
[ ص: 250 ] معي إلى
صالح بن وصيف ، وإما أن تصيروا معي حتى أحسن إليكم ، فتوكل به بعضهم ، وأرسلوا إلى
المعتز بالخبر ، فأمر بقتله ، فقتل ، وحمل رأسه إلى
المعتز ، ونصب
بسامرا وببغداذ ، وأحرقت
المغاربة جسده ، وكان أراد أن يختفي عند
صالح بن وصيف ، فإذا اشتغل الناس بالعيد وكان قد قرب خرج هو
وصالح ( ووثبوا
بالمعتز ) .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33802ابتداء حال أحمد بن طولون
كانت ديار
مصر قد أقطعها
بايكباك ، وهو من أكابر قواد
الأتراك ، وكان مقيما بالحضرة ، واستخلف بها من ينوب عنه بها .
وكان
طولون والد
nindex.php?page=showalam&ids=12267أحمد بن طولون أيضا من
الأتراك ، وقد نشأ هو بعد والده على طريقة مستقيمة وسيرة حسنة ، فالتمس
بايكباك من يستخلفه
بمصر ، فأشير عليه
بأحمد بن طولون لما ظهر عنه من حسن السيرة ، فولاه وسيره إليها .
وكان بها
ابن المدبر على الخراج ، وقد تحكم في البلد ، فلما قدمها
أحمد كف يد
ابن المدبر ، واستولى على البلد ، وكان
بايكباك قد استعمل
nindex.php?page=showalam&ids=12267أحمد بن طولون على
مصر وحدها سوى باقي الأعمال
كالإسكندرية وغيرها ، فلما قتل
المهتدي بايكباك وصارت
مصر لياركوج التركي وكان بينه وبين
nindex.php?page=showalam&ids=12267أحمد بن طولون مودة متأكدة ، استعمله على ديار
مصر جميعها ، فقوي أمره ، وعلا شأنه ، ودامت أيامه ،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33802وقعة بين مساور الخارجي وبين عسكر الموصل
كان
مساور بن عبد الحميد قد استولى على أكثر أعمال
الموصل وقوي أمره ، فجمع له
الحسن بن أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطاب العدوي التغلبي - وكان خليفة أبيه
بالموصل - عسكرا كثيرا منهم
حمدان بن حمدون جد الأمراء
الحمدانية ، وغيره ، وسار إلى
مساور وعبر إليه
نهر الزاب ، فتأخر عنه
مساور عن موضعه ، ونزل بموضع يقال له وادي الذيات ، وهو واد
[ ص: 251 ] عميق ، فسار الحسن في طلبه ، فالتقوا في جمادى الأولى ، واقتتلوا ، واشتد القتال ، فانهزم عسكر
الموصل ، وكثر القتل فيهم ، وسقط كثير منهم في الوادي ، فهلك فيه أكثر من القتلى ، ونجا الحسن فوصل إلى حزة من أعمال إربل اليوم ، ونجا
محمد بن علي بن السيد ، فظن
الخوارج أنه الحسن فتبعوه ، وكان فارسا شجاعا فقاتلهم فقتل ، واشتد أمر
مساور وعظم شأنه وخافه الناس .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة
nindex.php?page=treesubj&link=34064توفي أبو أحمد بن الرشيد ، وهو عم الواثق والمتوكل ، وعم
أبي المنتصر والمستعين والمعتز ، وكان معه من الخلفاء إخوته
الأمين ،
والمأمون ،
والمعتصم ، وابنا أخيه
الواثق والمتوكل ابنا
المعتصم ، وأبناء ابني أخيه ، وهم
المنتصر ،
والمستعين ،
والمعتز .
وفيها في جمادى الآخرة
nindex.php?page=treesubj&link=34064توفي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عليه السلام
بسامرا ، وهو أحد من يعتقد الإمامية إمامته ، ( وصلى عليه
nindex.php?page=showalam&ids=15360أبو أحمد بن المتوكل ، وكان مولده سنة اثنتي عشرة ومائتين ) .
وفيها عقد
صالح بن وصيف لديوداد على ديار
مصر وقنسرين والعواصم .
وفيها أوقع
مفلح بأهل قم ، فقتل منهم مقتلة عظيمة .
( وفيها عاود أهل ماردة من بلاد
الأندلس الخلاف على
محمد بن عبد الرحمن ، صاحب الأندلس ، وسبب ذلك أنهم خالفوا قديما على أبيه ، فظفر بهم ، وتفرق كثير من أهلها ، فلما كان الآن تجمع إليها من كان فارقها ، فعادوا إلى الخلاف والعصيان ، فسار محمد إليهم ، وحصرهم ، وضيق عليهم ، فانقادوا إلى التسليم والطاعة ، فنقلهم وأموالهم إلى قرطبة ، وهدم سور ماردة ، وحصن بها الموضع الذي كان يسكنه العمال دون غيرهم .
[ ص: 252 ] وفيها هلك
أردون بن ردمير صاحب
جليقية من
الأندلس ، وولي مكانه
أدفونش ، وهو ابن اثنتي عشرة سنة .
وفيها انكسف القمر كسوفا كليا لم يبق منه شيء ظاهر .
وفيها كان ببلاد
الأندلس قحط شديد ، تتابع عليهم من سنة إحدى وخمسين [ ومائتين ] إلى سنة خمس وخمسين [ ومائتين ] ، وكشف الله عنهم ) .
وفيها وصل
دلف بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي إلى
الأهواز وجنديسابور وتستر ، فجبى بها مائتي ألف دينار ، ثم انصرف ، وكان والده أمره بذلك .
وفي رمضان سار
نوشرى إلى
مساور الشاري ، فلقيه فهزمه ، وقتل من أصحابه جماعة كثيرة .
وحج بالناس
علي بن الحسين بن إسماعيل بن عباس بن محمد .
[ الوفيات ]
( وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=34064توفي أبو الوليد بن عبد الملك بن قطن النحوي القيرواني بها ، وكان إماما في النحو واللغة ، وإماما بالعربية ، قيل : مات سنة خمس وخمسين [ ومائتين ] وهو أصح ) .
[ ص: 249 ] 254
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800مَقْتَلِ بُغَا الشَّرَابِيِّ
وَفِيهَا قُتِلَ
بُغَا الشَّرَابِيُّ ، وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّضُ
الْمُعْتَزَّ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى
بَغْدَادَ ،
وَالْمُعْتَزُّ يَأْبَى ذَلِكَ وَيَكْرَهُهُ ، فَاتَّفَقَ أَنَّ
بُغَا اشْتَغَلَ بِتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ مِنْ
صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ ، فَرَكِبَ
الْمُعْتَزُّ وَمَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12222أَحْمَدُ بْنُ إِسْرَائِيلَ إِلَى
كَرْخِ سَامَرَّا ، إِلَى
بَايْكُبَاكَ التُّرْكِيِّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُنْحَرِفِينَ عَنْ
بُغَا .
وَكَانَ سَبَبُ انْحِرَافِهِ عَنْهُ أَنَّهُمَا كَانَا عَلَى شَرَابٍ لَهُمَا ، فَعَرْبَدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، فَاخْتَفَى
بَايْكُبَاكُ مِنْ
بُغَا ، فَلَمَّا أَتَاهُ
الْمُعْتَزُّ اجْتَمَعَ مَعَهُ أَهْلُ
الْكَرْخِ وَأَهْلُ الدُّورِ ، ثُمَّ أَقْبَلُوا مَعَ
الْمُعْتَزِّ إِلَى الْجَوْسَقِ
بِسَامَرَّا ، وَبَلَغَ ذَلِكَ
بُغَا ، فَخَرَجَ فِي غِلْمَانِهِ وَهُمْ زُهَاءَ خَمْسِمِائَةِ إِنْسَانٍ مِنْ وَلَدِهِ وَقُوَّادِهِ ، فَسَارَ إِلَى السِّنِّ ، فَشَكَا أَصْحَابُهُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَسْفِ ، وَأَنَّهُمْ خَرَجُوا بِغَيْرِ مَضَارِبَ وَلَا مَا يَلْبَسُونَهُ فِي الْبَرْدِ ، وَأَنَّهُمْ فِي شِتَاءٍ ، فَأَتَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ، وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهِمْ ، فَقَالَ : دَعْنِي حَتَّى أَنْظُرَ اللَّيْلَةَ .
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَكِبَ فِي زَوْرَقٍ ، وَمَعَهُ خَادِمَانِ وَشَيْءٌ مِنَ الْمَالِ الَّذِي صَحِبَهُ ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَهُ تِسْعَ عَشْرَةَ بَدْرَةُ دَنَانِيرَ ، وَمِائَةُ بَدْرَةِ دَرَاهِمَ ، وَلَمْ يَحْمِلْ مَعَهُ سِلَاحًا ، وَلَا سِكِّينًا ، وَلَا شَيْئًا ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ عَسْكَرِهِ .
وَكَانَ
الْمُعْتَزُّ ، فِي غَيْبَةِ
بُغَا ، لَا يَنَامُ إِلَّا فِي ثِيَابِهِ وَعَلَيْهِ السِّلَاحُ ، فَسَارَ
بُغَا إِلَى الْجِسْرِ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنَ اللَّيْلِ ، فَبَعَثَ الْمُوَكَّلُونَ بِالْجِسْرِ يَنْظُرُونَ مَنْ هُوَ ، فَصَاحَ بِالْغُلَامِ ، فَرَجَعَ ، وَخَرَجَ
بُغَا فِي الْبُسْتَانِ الْخَاقَانِيِّ ، فَلَحِقَهُ عِدَّةٌ مِنَ الْمُوَكَّلِينَ ، فَوَقَفَ لَهُمْ
بُغَا ، وَقَالَ : أَنَا
بُغَا ، إِمَّا أَنْ تَذْهَبُوا
[ ص: 250 ] مَعِي إِلَى
صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ ، وَإِمَّا أَنْ تَصِيرُوا مَعِي حَتَّى أُحْسِنَ إِلَيْكُمْ ، فَتَوَكَّلَ بِهِ بَعْضُهُمْ ، وَأَرْسَلُوا إِلَى
الْمُعْتَزِّ بِالْخَبَرِ ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ ، فَقُتِلَ ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى
الْمُعْتَزِّ ، وَنُصِبَ
بِسَامَرَّا وبِبَغْدَاذَ ، وَأَحْرَقَتِ
الْمَغَارِبَةُ جَسَدَهُ ، وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يَخْتَفِيَ عِنْدَ
صَالِحِ بْنِ وَصِيفٍ ، فَإِذَا اشْتَغَلَ النَّاسُ بِالْعِيدِ وَكَانَ قَدْ قَرُبَ خَرَجَ هُوَ
وَصَالِحٌ ( وَوَثَبُوا
بِالْمُعْتَزِّ ) .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33802ابْتِدَاءِ حَالِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ
كَانَتْ دِيَارُ
مِصْرَ قَدْ أُقْطِعَهَا
بَايْكُبَاكُ ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ قُوَّادِ
الْأَتْرَاكِ ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالْحَضْرَةِ ، وَاسْتَخْلَفَ بِهَا مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ بِهَا .
وَكَانَ
طُولُونُ وَالِدُ
nindex.php?page=showalam&ids=12267أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ أَيْضًا مِنَ
الْأَتْرَاكِ ، وَقَدْ نَشَأَ هُوَ بَعْدَ وَالِدِهِ عَلَى طَرِيقَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ وَسِيرَةٍ حَسَنَةٍ ، فَالْتَمَسَ
بَايْكُبَاكُ مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ
بِمِصْرَ ، فَأُشِيرَ عَلَيْهِ
بِأَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ لِمَا ظَهَرَ عَنْهُ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ ، فَوَلَّاهُ وَسَيَّرَهُ إِلَيْهَا .
وَكَانَ بِهَا
ابْنُ الْمُدَبِّرِ عَلَى الْخَرَاجِ ، وَقَدْ تَحَكَّمَ فِي الْبَلَدِ ، فَلَمَّا قَدِمَهَا
أَحْمَدُ كَفَّ يَدَ
ابْنِ الْمُدَبِّرِ ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ ، وَكَانَ
بَايْكُبَاكُ قَدِ اسْتَعْمَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12267أَحْمَدَ بْنَ طُولُونَ عَلَى
مِصْرَ وَحْدَهَا سِوَى بَاقِي الْأَعْمَالِ
كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَغَيْرِهَا ، فَلَمَّا قَتَلَ
الْمُهْتَدِي بَايْكُبَاكَ وَصَارَتْ
مِصْرُ لِيَارْكُوجَ التُّرْكِيِّ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=12267أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ مَوَدَّةٌ مُتَأَكِّدَةٌ ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى دِيَارِ
مِصْرَ جَمِيعِهَا ، فَقَوِيَ أَمْرُهُ ، وَعَلَا شَأْنُهُ ، وَدَامَتْ أَيَّامُهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=21ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33802وَقْعَةٍ بَيْنَ مُسَاوِرٍ الْخَارِجِيِّ وَبَيْنَ عَسْكَرِ الْمَوْصِلِ
كَانَ
مُسَاوِرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى أَكْثَرِ أَعْمَالِ
الْمَوْصِلِ وَقَوِيَ أَمْرُهُ ، فَجَمَعَ لَهُ
الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ التَّغْلِبِيُّ - وَكَانَ خَلِيفَةَ أَبِيهِ
بِالْمَوْصِلِ - عَسْكَرًا كَثِيرًا مِنْهُمْ
حَمْدَانُ بْنُ حَمْدُونَ جَدُّ الْأُمَرَاءِ
الْحَمْدَانِيَّةِ ، وَغَيْرُهُ ، وَسَارَ إِلَى
مُسَاوِرٍ وَعَبَرَ إِلَيْهِ
نَهَرَ الزَّابِ ، فَتَأَخَّرَ عَنْهُ
مُسَاوِرٌ عَنْ مَوْضِعِهِ ، وَنَزَلَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي الذِّيَاتِ ، وَهُوَ وَادٍ
[ ص: 251 ] عَمِيقٌ ، فَسَارَ الْحَسَنُ فِي طَلَبِهِ ، فَالْتَقَوْا فِي جُمَادَى الْأُولَى ، وَاقْتَتَلُوا ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ
الْمَوْصِلِ ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ ، وَسَقَطَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي الْوَادِي ، فَهَلَكَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنَ الْقَتْلَى ، وَنَجَا الْحَسَنُ فَوَصَلَ إِلَى حَزَّةَ مِنْ أَعْمَالِ إِرْبِلَ الْيَوْمَ ، وَنَجَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ السَّيِّدِ ، فَظَنَّ
الْخَوَارِجُ أَنَّهُ الْحَسَنُ فَتَبِعُوهُ ، وَكَانَ فَارِسًا شُجَاعًا فَقَاتَلَهُمْ فَقُتِلَ ، وَاشْتَدَّ أَمْرُ
مُسَاوِرٍ وَعَظُمَ شَأْنُهُ وَخَافَهُ النَّاسُ .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=34064تُوُفِّيَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الرَّشِيدِ ، وَهُوَ عَمُّ الْوَاثِقِ وَالْمُتَوَكِّلِ ، وَعَمُّ
أَبِي الْمُنْتَصِرِ وَالْمُسْتَعِينِ وَالْمُعْتَزِّ ، وَكَانَ مَعَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ إِخْوَتُهُ
الْأَمِينُ ،
وَالْمَأْمُونُ ،
وَالْمُعْتَصِمُ ، وَابْنَا أَخِيهِ
الْوَاثِقُ وَالْمُتَوَكِّلُ ابْنَا
الْمُعْتَصِمِ ، وَأَبْنَاءُ ابْنَيْ أَخِيهِ ، وَهُمُ
الْمُنْتَصِرُ ،
وَالْمُسْتَعِينُ ،
وَالْمُعْتَزُّ .
وَفِيهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=34064تُوُفِّيَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ
بِسَامَرَّا ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ يَعْتَقِدُ الْإِمَامِيَّةُ إِمَامَتَهُ ، ( وَصَلَّى عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15360أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ ) .
وَفِيهَا عَقَدَ
صَالِحُ بْنُ وَصِيفٍ لِدِيُودَادَ عَلَى دِيَارِ
مِصْرَ وَقِنَّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمِ .
وَفِيهَا أَوْقَعَ
مُفْلِحٌ بِأَهْلِ قُمٍّ ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةَ عَظِيمَةً .
( وَفِيهَا عَاوَدَ أَهْلُ مَارِدَةَ مِنْ بِلَادِ
الْأَنْدَلُسِ الْخِلَافَ عَلَى
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، صَاحِبِ الْأَنْدَلُسِ ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ خَالَفُوا قَدِيمًا عَلَى أَبِيهِ ، فَظَفِرَ بِهِمْ ، وَتَفَرَّقَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِهَا ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ تَجَمَّعَ إِلَيْهَا مَنْ كَانَ فَارَقَهَا ، فَعَادُوا إِلَى الْخِلَافِ وَالْعِصْيَانِ ، فَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَيْهِمْ ، وَحَصَرَهُمْ ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ ، فَانْقَادُوا إِلَى التَّسْلِيمِ وَالطَّاعَةِ ، فَنَقَلَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَى قُرْطُبَةَ ، وَهَدَمَ سُورَ مَارِدَةَ ، وَحَصَّنَ بِهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُهُ الْعُمَّالُ دُونَ غَيْرِهِمْ .
[ ص: 252 ] وَفِيهَا هَلَكَ
أَرَدُونُ بْنُ رُدْمِيرَ صَاحِبُ
جِلَّيقِيَّةَ مِنَ
الْأَنْدَلُسِ ، وَوُلِّيَ مَكَانَهُ
أُدْفُونُشُ ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً .
وَفِيهَا انْكَسَفَ الْقَمَرُ كُسُوفًا كُلِّيًّا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ ظَاهِرٌ .
وَفِيهَا كَانَ بِبِلَادِ
الْأَنْدَلُسِ قَحْطٌ شَدِيدٌ ، تَتَابَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ [ وَمِائَتَيْنِ ] إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ [ وَمِائَتَيْنِ ] ، وَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ ) .
وَفِيهَا وَصَلَ
دُلَفُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دُلَفٍ الْعِجْلِيُّ إِلَى
الْأَهْوَازِ وَجُنْدَيْسَابُورَ وَتُسْتَرَ ، فَجَبَى بِهَا مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، وَكَانَ وَالِدُهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ .
وَفِي رَمَضَانَ سَارَ
نُوشَرى إِلَى
مُسَاوِرٍ الشَّارِي ، فَلَقِيَهُ فَهَزَمَهُ ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةً كَثِيرَةً .
وَحَجَّ بِالنَّاسِ
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ .
[ الْوَفَيَاتُ ]
( وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=34064تُوُفِّيَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قَطَنَ النَّحْوِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ بِهَا ، وَكَانَ إِمَامًا فِي النَّحْوِ وَاللُّغَةِ ، وَإِمَامًا بِالْعَرَبِيَّةِ ، قِيلَ : مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ [ وَمِائَتَيْنِ ] وَهُوَ أَصَحُّ ) .