[ ص: 333 ] 262
ثم دخلت سنة اثنتين وستين ومائتين
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800الحرب بين الموفق والصفار
في هذه السنة ، في محرم ، سار
الصفار من
فارس إلى
الأهواز ، فلما بلغ
المعتمد إقباله أرسل إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق وبفراج ، أطلق من كان في حبسه من أصحاب
يعقوب ، فإنه كان حبسهم لما أخذ
يعقوب محمد بن طاهر بن الحسين .
وعاد
إسماعيل برسالة من عند
يعقوب ، ( فجلس
أبو أحمد ببغداذ ، وكان قد أخر مسيره إلى
الزنج لما بلغه من خبر
يعقوب ) ، وأحضر التجار ، وأخبرهم بتولية
يعقوب خراسان ،
وجرجان ،
وطبرستان ،
والري ،
وفارس ،
والشرطة ببغداذ ، كان بمحضر من درهم صاحب
يعقوب ، كان
يعقوب قد أرسله يطلب لنفسه ما ذكرنا ، وأعاده
أبو أحمد إلى
يعقوب ، ومعه
عمر بن سيما ، بما أضيف إليه من الولايات .
فعاد الرسل من عند
يعقوب يقولون : إنه لا يرضيه ما كتب به دون أن يسير إلى باب
المعتمد ! وارتحل
يعقوب من
عسكر مكرم ، وسار إليه
أبو الساج ، وصار معه ، فأكرمه ، وأحسن إليه ووصله .
فلما سمع
المعتمد رسالة
يعقوب خرج من
سامرا في عساكره ، وسار إلى
بغداذ ، ثم
الزعفرانية ، فنزلها ، وقدم أخاه الموفق ، وسار
يعقوب من
عسكر مكرم إلى
واسط ، فدخلها لست بقين من جمادى الآخرة ، وارتحل
المعتمد من
الزعفرانية إلى
سيب بني كوما ، فوافاه هناك
مسرور البلخي عائدا من الوجه الذي كان فيه ، وسار
يعقوب من
واسط إلى
دير العاقول ; وسير
المعتمد أخاه
الموفق في العساكر لمحاربة
يعقوب ، فجعل
الموفق على ميمنته
موسى بن بغا ، وعلى ميسرته
مسرورا البلخي ، وقام هو في القلب .
[ ص: 334 ] والتقيا ، فحملت ميسرة
يعقوب على ميمنة
الموفق فهزمتها ، وقتلت منها جماعة من قوادهم ، منهم
إبراهيم بن سيما وغيره ، ثم تراجع المنهزمون ، وكشف
nindex.php?page=showalam&ids=15360أبو أحمد الموفق رأسه ، وقال : أنا الغلام الهاشمي ! وحمل ، وحمل معه سائر عسكره على عسكر
يعقوب ، فثبتوا ، وتحاربوا حربا شديدة ، وقتل من أصحاب
يعقوب جماعة منهم
الحسن الدرهمي ، وأصابت
يعقوب ثلاثة أسهم في حلقه ويديه ، ولم تزل الحرب إلى وقت العصر .
ثم وافى
أبا أحمد الموفق الديراني ، (
ومحمد ) بن أوس ، فاجتمع جميع من بقي في عسكره ، وقد ظهر من أصحاب
يعقوب كراهة للقتال معه ، إذ رأوا الخليفة يقاتله ، فحملوا على
يعقوب ومن قد ثبت للقتال ، فانهزم أصحاب
يعقوب ، وثبت
يعقوب في خاصة أصحابه ، حتى مضوا ، وفارقوا موضع الحرب ، ( وتبعهم أصحاب
الموفق ) ، فغنموا ما في عسكرهم ، وكان فيه من الدواب ، والبغال أكثر من عشرة آلاف ، ومن الأموال ما يكل عن حمله ، ومن جرب المسك أمر عظيم ، وتخلص
nindex.php?page=showalam&ids=16977محمد بن طاهر ، وكان مثقلا بالحديد ، وخلع عليه
الموفق ، وولاه الشرطة
ببغداذ بعد ذلك .
وسار
يعقوب من الهزيمة إلى
خوزستان ، فنزل
جنديسابور ، وراسله
العلوي البصري يحثه على الرجوع إلى
بغداذ ، ويعده المساعدة ، فقال لكاتبه : اكتب إليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قل ياأيها الكافرون nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لا أعبد ما تعبدون ) السورة ، وسير الكتاب إليه .
وكانت الواقعة لإحدى عشرة خلت من رجب ; وكتب
المعتمد إلى
ابن واصل بتوليته
فارس ، وكان قد سار إليها وجمع جماعة فغلب عليها ، فسير إليه
يعقوب عسكرا عظيما عليهم
ابن عزيز بن السري إلى
فارس ، واستولى عليها ، ورجع
المعتمد إلى
سامرا .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=15360أبو أحمد الموفق فإنه سار إلى
واسط ليتبع
الصفار ، وأمر أصحابه بالتجهز لذلك ، فأصابه مرض ، فعاد إلى
بغداذ ومعه
مسرور ، وقبض ما
لأبي الساج من الضياع ،
[ ص: 335 ] والمنازل ، وأقطعها
مسرورا البلخي ، وقدم
nindex.php?page=showalam&ids=16977محمد بن طاهر بغداذ .
[ ص: 333 ] 262
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُوَفَّقِ وَالصَّفَّارِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فِي مَحَرَّمٍ ، سَارَ
الصَّفَّارُ مِنْ
فَارِسَ إِلَى
الْأَهْوَازِ ، فَلَمَّا بَلَغَ
الْمُعْتَمِدَ إِقْبَالُهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12429إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَبُفْرَاجُ ، أَطْلَقَ مَنْ كَانَ فِي حَبْسِهِ مِنْ أَصْحَابِ
يَعْقُوبَ ، فَإِنَّهُ كَانَ حَبَسَهُمْ لَمَّا أَخَذَ
يَعْقُوبُ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ .
وَعَادَ
إِسْمَاعِيلُ بِرِسَالَةٍ مِنْ عِنْدِ
يَعْقُوبَ ، ( فَجَلَسَ
أَبُو أَحْمَدَ بِبَغْدَاذَ ، وَكَانَ قَدْ أَخَّرَ مَسِيرَهُ إِلَى
الزَّنْجِ لِمَا بَلَغَهُ مِنْ خَبَرِ
يَعْقُوبَ ) ، وَأَحْضَرَ التُّجَّارَ ، وَأَخْبَرَهُمْ بِتَوْلِيَةِ
يَعْقُوبَ خُرَاسَانَ ،
وَجُرْجَانَ ،
وَطَبَرِسْتَانَ ،
وَالرَّيَّ ،
وَفَارِسَ ،
وَالشُّرْطَةَ بِبَغْدَاذَ ، كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ دِرْهَمٍ صَاحِبِ
يَعْقُوبَ ، كَانَ
يَعْقُوبُ قَدْ أَرْسَلَهُ يَطْلُبُ لِنَفْسِهِ مَا ذَكَرْنَا ، وَأَعَادَهُ
أَبُو أَحْمَدَ إِلَى
يَعْقُوبَ ، وَمَعَهُ
عُمَرُ بْنُ سِيمَا ، بِمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مِنَ الْوِلَايَاتِ .
فَعَادَ الرُّسُلُ مِنْ عِنْدِ
يَعْقُوبَ يَقُولُونَ : إِنَّهُ لَا يُرْضِيهِ مَا كَتَبَ بِهِ دُونَ أَنْ يَسِيرَ إِلَى بَابِ
الْمُعْتَمِدِ ! وَارْتَحَلَ
يَعْقُوبُ مِنْ
عَسْكَرِ مُكْرَمٍ ، وَسَارَ إِلَيْهِ
أَبُو السَّاجِ ، وَصَارَ مَعَهُ ، فَأَكْرَمَهُ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَوَصَلَهُ .
فَلَمَّا سَمِعَ
الْمُعْتَمِدُ رِسَالَةَ
يَعْقُوبَ خَرَجَ مِنْ
سَامَرَّا فِي عَسَاكِرِهِ ، وَسَارَ إِلَى
بَغْدَاذَ ، ثُمَّ
الزَّعْفَرَانِيَّةِ ، فَنَزَلَهَا ، وَقَدَّمَ أَخَاهُ الْمُوَفَّقَ ، وَسَارَ
يَعْقُوبُ مِنْ
عَسْكَرِ مُكْرَمٍ إِلَى
وَاسِطَ ، فَدَخَلَهَا لَسْتٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ ، وَارْتَحَلَ
الْمُعْتَمِدُ مِنَ
الزَّعْفَرَانِيَّةِ إِلَى
سَيْبِ بَنِي كَوْمَا ، فَوَافَاهُ هُنَاكَ
مَسْرُورٌ الْبَلْخِيُّ عَائِدًا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ ، وَسَارَ
يَعْقُوبُ مِنْ
وَاسِطَ إِلَى
دَيْرِ الْعَاقُولِ ; وَسَيَّرَ
الْمُعْتَمِدُ أَخَاهُ
الْمُوَفَّقَ فِي الْعَسَاكِرِ لِمُحَارَبَةِ
يَعْقُوبَ ، فَجَعَلَ
الْمُوَفَّقُ عَلَى مَيْمَنَتِهِ
مُوسَى بْنَ بُغَا ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ
مَسْرُورًا الْبَلْخِيَّ ، وَقَامَ هُوَ فِي الْقَلْبِ .
[ ص: 334 ] وَالْتَقَيَا ، فَحَمَلَتْ مَيْسَرَةُ
يَعْقُوبَ عَلَى مَيْمَنَةِ
الْمُوَفَّقِ فَهَزَمَتْهَا ، وَقَتَلَتْ مِنْهَا جَمَاعَةً مِنْ قُوَّادِهِمْ ، مِنْهُمْ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سِيمَا وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ تَرَاجَعَ الْمُنْهَزِمُونَ ، وَكَشَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=15360أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ رَأْسَهُ ، وَقَالَ : أَنَا الْغُلَامُ الْهَاشِمِيُّ ! وَحَمَلَ ، وَحَمَلَ مَعَهُ سَائِرُ عَسْكَرِهِ عَلَى عَسْكَرِ
يَعْقُوبَ ، فَثَبَتُوا ، وَتَحَارَبُوا حَرْبًا شَدِيدَةً ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ
يَعْقُوبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ
الْحَسَنُ الدِّرْهَمِيُّ ، وَأَصَابَتْ
يَعْقُوبَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ فِي حَلْقِهِ وَيَدَيْهِ ، وَلَمْ تَزَلِ الْحَرْبُ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ .
ثُمَّ وَافَى
أَبَا أَحْمَدَ الْمُوَفَّقَ الدَّيْرَانِيُّ ، (
وَمُحَمَّدَ ) بْنَ أَوْسٍ ، فَاجْتَمَعَ جَمِيعُ مَنْ بَقِيَ فِي عَسْكَرِهِ ، وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ أَصْحَابِ
يَعْقُوبَ كَرَاهَةٌ لِلْقِتَالِ مَعَهُ ، إِذْ رَأَوُا الْخَلِيفَةَ يُقَاتِلُهُ ، فَحَمَلُوا عَلَى
يَعْقُوبَ وَمَنْ قَدْ ثَبَتَ لِلْقِتَالِ ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ
يَعْقُوبَ ، وَثَبَتَ
يَعْقُوبُ فِي خَاصَّةِ أَصْحَابِهِ ، حَتَّى مَضَوْا ، وَفَارَقُوا مَوْضِعَ الْحَرْبِ ، ( وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ
الْمُوَفَّقِ ) ، فَغَنِمُوا مَا فِي عَسْكَرِهِمْ ، وَكَانَ فِيهِ مِنَ الدَّوَابِّ ، وَالْبِغَالِ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ ، وَمِنَ الْأَمْوَالِ مَا يُكَلُّ عَنْ حَمْلِهِ ، وَمِنْ جُرُبِ الْمِسْكِ أَمْرٌ عَظِيمٌ ، وَتَخَلَّصَ
nindex.php?page=showalam&ids=16977مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ ، وَكَانَ مُثْقَلًا بِالْحَدِيدِ ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ
الْمُوَفَّقُ ، وَوَلَّاهُ الشُّرْطَةَ
بِبَغْدَاذَ بَعْدَ ذَلِكَ .
وَسَارَ
يَعْقُوبُ مِنَ الْهَزِيمَةِ إِلَى
خُوزِسْتَانَ ، فَنَزَلَ
جَنْدِيْسَابُورَ ، وَرَاسَلَهُ
الْعَلَوِيُّ الْبَصْرِيُّ يَحُثُّهُ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى
بَغْدَاذَ ، وَيَعِدُهُ الْمُسَاعَدَةَ ، فَقَالَ لِكَاتِبِهِ : اكْتُبْ إِلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=1قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=109&ayano=2لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) السُّورَةَ ، وَسَيَّرَ الْكِتَابَ إِلَيْهِ .
وَكَانَتِ الْوَاقِعَةُ لِإِحْدَى عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ ; وَكَتَبَ
الْمُعْتَمِدِ إِلَى
ابْنِ وَاصِلٍ بِتَوْلِيَتِهِ
فَارِسَ ، وَكَانَ قَدْ سَارَ إِلَيْهَا وَجَمَعَ جَمَاعَةً فَغَلَبَ عَلَيْهَا ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ
يَعْقُوبُ عَسْكَرًا عَظِيمًا عَلَيْهِمُ
ابْنُ عَزِيزِ بْنِ السَّرِيِّ إِلَى
فَارِسَ ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا ، وَرَجَعَ
الْمُعْتَمِدُ إِلَى
سَامَرَّا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=15360أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ فَإِنَّهُ سَارَ إِلَى
وَاسِطَ لِيَتْبَعَ
الصَّفَّارَ ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّجَهُّزِ لِذَلِكَ ، فَأَصَابَهُ مَرَضٌ ، فَعَادَ إِلَى
بَغْدَاذَ وَمَعَهُ
مَسْرُورٌ ، وَقَبَضَ مَا
لِأَبِي السَّاجِ مِنَ الضِيَاعِ ،
[ ص: 335 ] وَالْمَنَازِلِ ، وَأَقْطَعَهَا
مَسْرُورًا الْبَلْخِيَّ ، وَقَدِمَ
nindex.php?page=showalam&ids=16977مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ بَغْدَاذَ .