[ ص: 432 ] 271
ثم دخلت سنة إحدى وسبعين ومائتين
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33799خلاف محمد وعلي العلويين في هذه السنة دخل
محمد ،
وعلي ابنا الحسين بن جعفر بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة ، وقتلا جماعة من أهلها ، وأخذا من قوم مالا ، ولم يصل
أهل المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جمع ، لا جمعة ، ولا جماعة ، فقال
الفضل بن العباس العلوي في ذلك :
أخربت دار هجرة المصطفى الب ر فأبكى خرابها المسلمينا عين فابكي مقام جبريل والقب
ر فبكى والمنبر الميمونا وعلى المسجد الذي أسه التق
وى ، خلاء أمسى من العابدينا وعلى طيبة التي بارك الل
ه عليها بخاتم المرسلينا
ذكر عزل
عمرو بن الليث عن
خراسان وفيها أدخل المعتمد إليه حاج
خراسان ، وأعلمهم أنه قد عزل
عمرو بن الليث عما كان قلده ، ولعنه بحضرتهم ، وأخبرهم أنه قلد خراسان
nindex.php?page=showalam&ids=16977محمد بن طاهر ، وأمر أيضا بلعن
عمرو على المنابر ، فلعن ، فسار
nindex.php?page=showalam&ids=16201صاعد بن مخلد إلى
فارس لحرب
عمرو ، فاستخلف
nindex.php?page=showalam&ids=16977محمد بن طاهر nindex.php?page=showalam&ids=15881رافع بن هرثمة على
خراسان ، فلم يغير السامانية عما وراء النهر .
[ ص: 433 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33799وقعة الطواحين
وفي هذه السنة كانت وقعة الطواحين بين
nindex.php?page=showalam&ids=15272أبي العباس المعتضد وبين
nindex.php?page=showalam&ids=15836خمارويه بن أحمد بن طولون .
وسبب ذلك أن
المعتضد سار من
دمشق ، بعد أن ملكها نحو
الرملة إلى عساكر
خمارويه ، فأتاه الخبر بوصول
خمارويه إلى عساكره ، وكثرة من معه من الجموع ، فهم بالعود ، فلم يمكنه من معه من أصحاب
خمارويه الذين صاروا معه ، وكان
المعتضد قد أوحش
ابن كنداجيق ،
وابن أبي الساج ، ونسبهما إلى الجبن ، حيث انتظراه ليصل إليها ، ففسدت نياتهما معه .
ولما وصل
خمارويه إلى
الرملة نزل على الماء الذي عليه الطواحين ، فملكه ، فنسبت الوقعة إليه ، ووصل
المعتضد وقد عبأ أصحابه ، وكذلك أيضا فعل
خمارويه ، وجعل له كمينا عليهم
سعيدا الأيسر ، وحملت ميسرة
المعتضد على ميمنة
خمارويه ، فانهزمت ، فلما رأى ذلك
خمارويه ، ولم يكن رأى مصافا قبله ، ولى منهزما في نفر من الأحداث الذين لا علم لهم بالحرب ولم يقف دون
مصر .
ونزل
المعتضد إلى خيام
خمارويه ، وهو لا يشك في تمام النصر ، فخرج الذين عليهم
سعيد الأيسر ، وانضاف إليه من بقي من جيش
خمارويه ، ونادوا بشعارهم ، وحملوا على عسكر
المعتضد وهم مشغولون بنهب السواد ، ووضع المصريون السيف فيهم ، وظن
المعتضد أن
خمارويه قد عاد ، فركب فانهزم ولم يلو على شيء ، فوصل إلى
دمشق ، ولم يفتح له أهلها بابها ، فمضى منهزما حتى بلغ
طرسوس ، وبقي العسكران يضطربان بالسيوف ، وليس لواحد منها أمير .
وطلب
سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده ، فأقام أخاه
أبا العشائر ، وتمت الهزيمة على العراقيين ، وقتل منهم خلق كثير وأسر كثير .
وقال
سعيد للعساكر : إن هذا أخو صاحبكم ، وهذه الأموال تنفق فيكم ، ووضع العطاء ، فاشتغل الجند عن الشغب بالأموال ، وسيرت البشارة إلى
مصر ، ففرح
خمارويه بالظفر ، وخجل للهزيمة ، غير أنه أكثر الصدقة ، وفعل مع الأسرى فعلة لم يسبق إلى مثلها
[ ص: 434 ] أحد قبله ، فقال لأصحابه : إن هؤلاء أضيافكم فأكرموهم ، ثم أحضرهم بعد ذلك وقال لهم : من اختار المقام عندي فله الإكرام والمواساة ، ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه ، فمنهم من أقام ومنهم من سار مكرما ، وعادت عسكر
خمارويه إلى
الشام ففتحته أجمع ، فاستقر ملك
خمارويه له .
ذكر الحرب بين عسكر الخليفة ،
وعمرو الصفار
في هذه السنة عاشر ربيع الأول كانت وقعة بين عساكر الخليفة وفيها
أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف ، وبين
nindex.php?page=showalam&ids=16703عمرو بن الليث الصفار ، ودامت الحرب من أول النهار إلى الظهر ، فانهزم
عمرو وعساكره ، وكانوا خمسة عشر ألفا بين
فارس وراجل ، وجرح
الدرهمي مقدم جيش
عمرو بن الليث ، وقتل مائة رجل من حماتهم ، وأسر ثلاثة آلاف أسير ، استأمن منهم ألف رجل ، وغنموا من معسكر
عمرو من الدواب والبقر والحمير ثلاثين ألف رأس ، وما سوى ذلك فخارج عن الحد .
ذكر حروب
الأندلس وإفريقية
في هذه السنة سير
محمد صاحب
الأندلس جيشا مع
ابنه المنذر إلى مدينة
بطليوس ، فزال عنها
ابن مروان الجليقي ، وكان مخالفا ، كما ذكرنا ، وقصد
حصن أشير غرة فتحصن به ، فأحرق
المنذر بطليوس ، وسير
محمد أيضا جيشا مع
هاشم بن عبد العزيز إلى مدينة
سرقسطة ، بها
محمد بن لب بن موسى ، فملكها
هاشم ، وأخرج منها
محمدا ، وكان معه
عمر بن حفصون الذي ذكرنا خروجه على صاحب
الأندلس فصالحه .
فلما عادوا إلى
قرطبة هرب
عمر بن حفصون ، وقصد
بربشتر مخالفا ، فاهتم صاحب
الأندلس به ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
[ ص: 435 ] وفيها سارت سرية للمسلمين عظيمة
بصقلية إلى
رمطة ، فخربت وغنمت وسبت ، وأسرت كثيرا وعادت .
وتوفي أمير
صقلية ، وهو
الحسين بن أحمد ، فولي بعده
سوادة بن محمد بن خفاجة التميمي ، وقدم إليها ، فسار عسكر كبير إلى مدينة
قطانية فأهلك ما فيها ، وسار إلى
طبرمين فقاتل أهلها ، وأفسد زرعها ، وتقدم فيها ، فأتاه رسول بطريق
الروم يطلب الهدنة ، والمفاداة ، فهادنه ثلاثة أشهر ، وفاداه ثلاثمائة أسير من المسلمين ، فرجع سوادة إلى بلرم .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة
nindex.php?page=treesubj&link=33800عقد لأحمد بن محمد الطائي على المدينة ، وطريق مكة ، فوثب
يوسف بن أبي الساج - وهو والي
مكة - على
بدر غلام الطائي ، وكان أميرا على الحاج ، فحاربه ، وأسره ، فثار الجند
بيوسف ، فقاتلوه ، واستنقذوا
بدرا ، وأسروا
يوسف ، وحملوه إلى
بغداذ ، وكانت الحرب بينهم على أبواب
المسجد الحرام .
وفيها خربت العامة
الدير العتيق الذي وراء
نهر عيسى ، وانتهبوا ما فيه ، وقلعوا أبوابه ، فسار إليهم
nindex.php?page=showalam&ids=15167الحسين بن إسماعيل ، صاحب شرطة
بغداذ من قبل
nindex.php?page=showalam&ids=16977محمد بن طاهر ، فمنعهم من هدم ما بقي منه ، وكان يتردد هو والعامة إليه أياما ، حتى كاد أن يكون بينهم حرب ، ثم بنى ما هدم بعد أيام ، وكانت إعادة بنائه بقوة
عبدون أخي صاعد بن مخلد . وحج بالناس
nindex.php?page=showalam&ids=17221هارون بن إسحاق .
[ الوفيات ] وفيها توفي عبد الرحمن بن محمد بن منصور البصري .
[ ص: 432 ] 271
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33799خِلَافِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ الْعَلَوِيَّيْنِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ دَخَلَ
مُحَمَّدٌ ،
وَعَلِيٌّ ابْنَا الْحُسَيْنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَدِينَةَ ، وَقَتَلَا جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِهَا ، وَأَخَذَا مِنْ قَوْمٍ مَالًا ، وَلَمْ يُصَلِّ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ جُمَعٍ ، لَا جُمُعَةً ، وَلَا جَمَاعَةً ، فَقَالَ
الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْعَلَوِيُّ فِي ذَلِكَ :
أُخْرِبَتْ دَارُ هِجْرَةِ الْمُصْطَفَى الْبَ رِّ فَأَبْكَى خَرَابُهَا الْمُسْلِمِينَا عَيْنُ فَابْكِي مَقَامَ جِبْرِيلَ وَالْقَبْ
رَ فَبَكَى وَالْمِنْبَرَ الْمَيْمُونَا وَعَلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسُّهُ التَّقْ
وَى ، خَلَاءً أَمْسَى مِنَ الْعَابِدِينَا وَعَلَى طِيبَةَ الَّتِي بَارَكَ اللَّ
هُ عَلَيْهَا بِخَاتَمِ الْمُرْسَلِينَا
ذِكْرُ عَزْلِ
عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ عَنْ
خُرَاسَانَ وَفِيهَا أَدْخَلَ الْمُعْتَمِدُ إِلَيْهِ حَاجَّ
خُرَاسَانَ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ قَدْ عَزَلَ
عَمْرَو بْنَ اللَّيْثِ عَمَّا كَانَ قَلَّدَهُ ، وَلَعَنَهُ بِحَضْرَتِهِمْ ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَلَّدَ خُرَاسَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16977مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ ، وَأَمَرَ أَيْضًا بِلَعْنِ
عَمْرٍو عَلَى الْمَنَابِرِ ، فَلُعِنَ ، فَسَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=16201صَاعِدُ بْنُ مَخْلَدٍ إِلَى
فَارِسَ لِحَرْبِ
عَمْرٍو ، فَاسْتَخْلَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=16977مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15881رَافِعَ بْنَ هَرْثَمَةَ عَلَى
خُرَاسَانَ ، فَلَمْ يُغَيِّرِ السَّامَانِيَّةَ عَمَّا وَرَاءَ النَّهْرِ .
[ ص: 433 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33799وَقْعَةِ الطَّوَاحِينِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ وَقْعَةُ الطَّوَاحِينِ بَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=15272أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُعْتَضِدِ وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=15836خُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ .
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ
الْمُعْتَضِدَ سَارَ مِنْ
دِمَشْقَ ، بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا نَحْوَ
الرَّمْلَةِ إِلَى عَسَاكِرِ
خُمَارَوَيْهِ ، فَأَتَاهُ الْخَبَرُ بِوُصُولِ
خُمَارَوَيْهِ إِلَى عَسَاكِرِهِ ، وَكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُمُوعِ ، فَهَمَّ بِالْعَوْدِ ، فَلَمْ يُمَكِّنْهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ
خُمَارَوَيْهِ الَّذِينَ صَارُوا مَعَهُ ، وَكَانَ
الْمُعْتَضِدُ قَدْ أَوْحَشَ
ابْنَ كُنْدَاجِيقَ ،
وَابْنَ أَبِي السَّاجِ ، وَنَسَبَهُمَا إِلَى الْجُبْنِ ، حَيْثُ انْتَظَرَاهُ لِيَصِلَ إِلَيْهَا ، فَفَسَدَتْ نِيَّاتُهُمَا مَعَهُ .
وَلَمَّا وَصَلَ
خُمَارَوَيْهِ إِلَى
الرَّمْلَةِ نَزَلَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّوَاحِينُ ، فَمَلَكَهُ ، فَنُسِبَتِ الْوَقْعَةُ إِلَيْهِ ، وَوَصَلَ
الْمُعْتَضِدُ وَقَدْ عَبَّأَ أَصْحَابَهُ ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا فَعَلَ
خُمَارَوَيْهِ ، وَجَعَلَ لَهُ كَمِينًا عَلَيْهِمْ
سَعِيدًا الْأَيْسَرَ ، وَحَمَلَتْ مَيْسَرَةُ
الْمُعْتَضِدِ عَلَى مَيْمَنَةِ
خُمَارَوَيْهِ ، فَانْهَزَمَتْ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ
خُمَارَوَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ رَأَى مَصَافًّا قَبْلَهُ ، وَلَّى مُنْهَزِمًا فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ وَلَمْ يَقِفْ دُونَ
مِصْرَ .
وَنَزَلَ
الْمُعْتَضِدُ إِلَى خِيَامِ
خُمَارَوَيْهِ ، وَهُوَ لَا يَشُكُّ فِي تَمَامِ النَّصْرِ ، فَخَرَجَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ
سَعِيدٌ الْأَيْسَرُ ، وَانْضَافَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ مَنْ جَيْشِ
خُمَارَوَيْهِ ، وَنَادَوْا بِشِعَارِهِمْ ، وَحَمَلُوا عَلَى عَسْكَرِ
الْمُعْتَضِدِ وَهُمْ مَشْغُولُونَ بِنَهْبِ السَّوَادِ ، وَوَضَعَ الْمِصْرِيُّونَ السَّيْفَ فِيهِمْ ، وَظَنَّ
الْمُعْتَضِدُ أَنَّ
خُمَارَوَيْهِ قَدْ عَادَ ، فَرَكِبَ فَانْهَزَمَ وَلَمْ يَلْوِ عَلَى شَيْءٍ ، فَوَصَلَ إِلَى
دِمَشْقَ ، وَلَمْ يَفْتَحْ لَهُ أَهْلُهَا بَابَهَا ، فَمَضَى مُنْهَزِمًا حَتَّى بَلَغَ
طَرَسُوسَ ، وَبَقِيَ الْعَسْكَرَانِ يَضْطَرِبَانِ بِالسُّيُوفِ ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا أَمِيرٌ .
وَطَلَبَ
سَعِيدٌ الْأَيْسَرُ خُمَارَوَيْهِ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَأَقَامَ أَخَاهُ
أَبَا الْعَشَائِرِ ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْعِرَاقِيِّينَ ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَأُسِرَ كَثِيرٌ .
وَقَالَ
سَعِيدٌ لِلْعَسَاكِرِ : إِنَّ هَذَا أَخُو صَاحِبِكُمْ ، وَهَذِهِ الْأَمْوَالُ تُنْفَقُ فِيكُمْ ، وَوَضَعَ الْعَطَاءَ ، فَاشْتَغَلَ الْجُنْدُ عَنِ الشَّغَبِ بِالْأَمْوَالِ ، وَسُيِّرَتِ الْبِشَارَةُ إِلَى
مِصْرَ ، فَفَرِحَ
خُمَارَوَيْهِ بِالظَّفَرِ ، وَخَجِلَ لِلْهَزِيمَةِ ، غَيْرَ أَنَّهُ أَكْثَرَ الصَّدَقَةَ ، وَفَعَلَ مَعَ الْأَسْرَى فَعْلَةً لَمْ يَسْبِقْ إِلَى مِثْلِهَا
[ ص: 434 ] أَحَدٌ قَبْلَهُ ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنَّ هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكُمْ فَأَكْرِمُوهُمْ ، ثُمَّ أَحْضَرَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُمْ : مَنِ اخْتَارَ الْمُقَامَ عِنْدِي فَلَهُ الْإِكْرَامُ وَالْمُوَاسَاةُ ، وَمَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ جَهَّزْنَاهُ وَسَيَّرْنَاهُ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَقَامَ وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ مُكْرَمًا ، وَعَادَتْ عَسْكَرُ
خُمَارَوَيْهِ إِلَى
الشَّامِ فَفَتَحَتْهُ أَجْمَعَ ، فَاسْتَقَرَّ مُلْكُ
خُمَارَوَيْهِ لَهُ .
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ ،
وَعَمْرٍو الصَّفَّارِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَاشِرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ عَسَاكِرِ الْخَلِيفَةِ وَفِيهَا
أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دُلَفَ ، وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=16703عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ الصَّفَّارِ ، وَدَامَتِ الْحَرْبُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى الظُّهْرِ ، فَانْهَزَمَ
عَمْرٌو وَعَسَاكِرُهُ ، وَكَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا بَيْنَ
فَارِسٍ وَرَاجِلٍ ، وَجُرِحَ
الدِّرْهَمِيُّ مُقَدَّمُ جَيْشِ
عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ ، وَقُتِلَ مِائَةُ رَجُلٍ مِنْ حُمَاتِهِمْ ، وَأُسِرَ ثَلَاثَةُ آلَافِ أَسِيرٍ ، اسْتَأْمَنَ مِنْهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ ، وَغَنِمُوا مِنْ مُعَسْكَرِ
عَمْرٍو مِنَ الدَّوَابِّ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَأْسٍ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَخَارِجٌ عَنِ الْحَدِّ .
ذِكْرُ حُرُوبِ
الْأَنْدَلُسِ وَإِفْرِيقِيَّةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ
مُحَمَّدٌ صَاحِبُ
الْأَنْدَلُسِ جَيْشًا مَعَ
ابْنِهِ الْمُنْذِرِ إِلَى مَدِينَةِ
بَطْلَيُوسَ ، فَزَالَ عَنْهَا
ابْنُ مَرْوَانَ الْجِلِّيقِيُّ ، وَكَانَ مُخَالِفًا ، كَمَا ذَكَرْنَا ، وَقَصَدَ
حِصْنَ أَشِيرَ غِرَّةً فَتَحَصَّنَ بِهِ ، فَأَحْرَقَ
الْمُنْذِرُ بَطْلَيُوسَ ، وَسَيَّرَ
مُحَمَّدٌ أَيْضًا جَيْشًا مَعَ
هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى مَدِينَةِ
سَرَقُسْطَةَ ، بِهَا
مُحَمَّدُ بْنُ لُبِّ بْنِ مُوسَى ، فَمَلَكَهَا
هَاشِمٌ ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا
مُحَمَّدًا ، وَكَانَ مَعَهُ
عُمَرُ بْنُ حَفْصُونٍ الَّذِي ذَكَرْنَا خُرُوجَهُ عَلَى صَاحِبِ
الْأَنْدَلُسِ فَصَالَحَهُ .
فَلَمَّا عَادُوا إِلَى
قُرْطُبَةَ هَرَبَ
عُمَرُ بْنُ حَفْصُونٍ ، وَقَصَدَ
بَرْبُشْتَرَ مُخَالِفًا ، فَاهْتَمَّ صَاحِبُ
الْأَنْدَلُسِ بِهِ ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
[ ص: 435 ] وَفِيهَا سَارَتْ سَرِيَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ عَظِيمَةٌ
بِصِقِلِّيَةَ إِلَى
رَمْطَةَ ، فَخَرَّبَتْ وَغَنِمَتْ وَسَبَتْ ، وَأَسَرَتْ كَثِيرًا وَعَادَتْ .
وَتُوُفِّيَ أَمِيرُ
صِقِلِّيَةَ ، وَهُوَ
الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ ، فَوُلِّيَ بَعْدَهُ
سَوَادَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَفَاجَةَ التَّمِيمِيُّ ، وَقَدِمَ إِلَيْهَا ، فَسَارَ عَسْكَرٌ كَبِيرٌ إِلَى مَدِينَةِ
قَطَانِيَةَ فَأَهْلَكَ مَا فِيهَا ، وَسَارَ إِلَى
طَبَرْمِينَ فَقَاتَلَ أَهْلَهَا ، وَأَفْسَدَ زَرْعَهَا ، وَتَقَدَّمَ فِيهَا ، فَأَتَاهُ رَسُولُ بِطْرِيقِ
الرُّومِ يَطْلُبُ الْهُدْنَةَ ، وَالْمُفَادَاةَ ، فَهَادَنَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ ، وَفَادَاهُ ثَلَاثَمِائَةِ أَسِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَرَجَعَ سَوَادَةُ إِلَى بَلَرْمَ .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=33800عُقِدَ لِأَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيِّ عَلَى الْمَدِينَةِ ، وَطَرِيقِ مَكَّةَ ، فَوَثَبَ
يُوسُفُ بْنُ أَبِي السَّاجِ - وَهُوَ وَالِي
مَكَّةَ - عَلَى
بَدْرٍ غُلَامِ الطَّائِيِّ ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الْحَاجِّ ، فَحَارَبَهُ ، وَأَسَرَهُ ، فَثَارَ الْجُنْدُ
بِيُوسُفَ ، فَقَاتَلُوهُ ، وَاسْتَنْقَذُوا
بَدْرًا ، وَأَسَرُوا
يُوسُفَ ، وَحَمَلُوهُ إِلَى
بَغْدَاذَ ، وَكَانَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَبْوَابِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .
وَفِيهَا خَرَّبَتِ الْعَامَّةُ
الدَّيْرَ الْعَتِيقَ الَّذِي وَرَاءَ
نَهْرِ عِيسَى ، وَانْتَهَبُوا مَا فِيهِ ، وَقَلَعُوا أَبْوَابَهُ ، فَسَارَ إِلَيْهِمُ
nindex.php?page=showalam&ids=15167الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، صَاحِبُ شُرْطَةِ
بَغْدَاذَ مِنْ قِبَلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16977مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ ، فَمَنَعَهُمْ مِنْ هَدْمِ مَا بَقِيَ مِنْهُ ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ هُوَ وَالْعَامَّةُ إِلَيْهِ أَيَّامًا ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ ، ثُمَّ بَنَى مَا هَدَمَ بَعْدَ أَيَّامٍ ، وَكَانَتْ إِعَادَةُ بِنَائِهِ بِقُوَّةِ
عَبْدُونَ أَخِي صَاعِدِ بْنِ مَخْلَدٍ . وَحَجَّ بِالنَّاسِ
nindex.php?page=showalam&ids=17221هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ .
[ الْوَفَيَاتُ ] وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَصْرِيُّ .