ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=34064وفاة nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري
وفي هذه السنة توفي
nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري ، صاحب التاريخ ،
ببغداذ ، ومولده سنة أربع وعشرين ومائتين ، ودفن ليلا بداره ، لأن العامة اجتمعت ، ومنعت من دفنه نهارا ، وادعوا عليه الرفض ، ثم ادعوا عليه الإلحاد ، وكان
علي بن عيسى يقول : والله لو سئل هؤلاء عن معنى الرفض والإلحاد ما عرفوه ، ولا فهموه ، هكذا ذكره
ابن مسكويه صاحب " تجارب الأمم " ، وحوشي ذلك الإمام عن مثل هذه الأشياء .
وأما ما ذكره عن تعصب العامة ، فليس الأمر كذلك ، وإنما بعض الحنابلة تعصبوا عليه ، ووقعوا فيه ، فتبعهم غيرهم ، ولذلك سبب ، ( وهو أن
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري جمع كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ، لم يصنف مثله ، ولم يذكر فيه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، فقيل له في ذلك ،
[ ص: 678 ] فقال : لم يكن فقيها ، وإنما كان محدثا ، فاشتد ذلك على الحنابلة ، وكانوا لا يحصون كثرة
ببغداذ ، فشغبوا عليه ، وقالوا ما أرادوا ) :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسدا وبغيا إنه لدميم
وقد ذكرت شيئا من كلام الأئمة في
أبي جعفر يعلم [ منه ] محله في العلم ، والثقة ، وحسن الاعتقاد .
فمن ذلك ما قاله الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر الخطيب ، بعد أن ذكر من روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عنه ، ومن روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، فقال : " وكان أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظا لكتاب الله ، عارفا بالقراءات ، بصيرا بالمعاني ، فقيها في أحكام القرآن ، عالما بالسنن وطرقها ، صحيحها وسقيمها ، ناسخها ومنسوخها ، عارفا بأقاويل الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، خبيرا بأيام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في تاريخ الأمم والملوك ، والكتاب الذي في التفسير لم يصنف مثله ، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة ، وأخبار من أقاويل الفقهاء ، وتفرد بمسائل حفظت عنه " .
وقال
أبو أحمد الحسين بن علي بن محمد الرازي : أول ما سألني الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13114أبو بكر بن خزيمة قال لي : كتبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير الطبري ؟ قلت : لا ! قال : لم ؟ قلت : لا يظهر ، وكانت الحنابلة تمنع من الدخول عليه .
[ ص: 679 ] فقال بئس ما فعلت ! ليتك لم تكتب عن كل من كتبت عنه ، وسمعت عن
أبي جعفر .
وقال
حسينك ، واسمه الحسين بن علي التميمي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة نحو ما تقدم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة حين طالع كتاب التفسير
nindex.php?page=showalam&ids=16935للطبري : ما أعلم على أديم الأرض أعلم من
أبي جعفر ، ولقد ظلمته الحنابلة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14902أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني ، بعد أن ذكر تصانيفه : وكان
أبو جعفر ممن لا يأخذه في الله لومة لائم ، ولا يعدل ، في علمه وتبيانه ، عن حق يلزمه لربه وللمسلمين ، إلى باطل لرغبة ولا رهبة ، مع عظيم ما كان يلحقه من الأذى والشناعات من جاهل ، وحاسد ، وملحد .
وأما أهل الدين والورع فغير منكرين علمه ، وفضله ، وزهده ، وتركه الدنيا مع إقبالها عليه ، وقناعته بما كان يرد عليه من قرية خلفها له أبوه
بطبرستان يسيرة ، ومناقبه كثيرة لا يحتمل هاهنا أكثر من هذا .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=34064وَفَاةِ nindex.php?page=showalam&ids=16935مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ ، صَاحِبُ التَّارِيخِ ،
بِبَغْدَاذَ ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَدُفِنَ لَيْلًا بِدَارِهِ ، لِأَنَّ الْعَامَّةَ اجْتَمَعَتْ ، وَمَنَعَتْ مِنْ دَفْنِهِ نَهَارًا ، وَادَّعَوْا عَلَيْهِ الرَّفْضَ ، ثُمَّ ادَّعَوْا عَلَيْهِ الْإِلْحَادَ ، وَكَانَ
عَلِيُّ بْنُ عِيسَى يَقُولُ : وَاللَّهِ لَوْ سُئِلَ هَؤُلَاءِ عَنْ مَعْنَى الرَّفْضِ وَالْإِلْحَادِ مَا عَرَفُوهُ ، وَلَا فَهِمُوهُ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ
ابْنُ مِسْكَوَيْهِ صَاحِبُ " تَجَارِبِ الْأُمَمِ " ، وَحُوشِيَ ذَلِكَ الْإِمَامُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ .
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ تَعَصُّبِ الْعَامَّةِ ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ تَعَصَّبُوا عَلَيْهِ ، وَوَقَعُوا فِيهِ ، فَتَبِعَهُمْ غَيْرُهُمْ ، وَلِذَلِكَ سَبَبٌ ، ( وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيَّ جَمَعَ كِتَابًا ذَكَرَ فِيهِ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ ، لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ،
[ ص: 678 ] فَقَالَ : لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا ، وَإِنَّمَا كَانَ مُحَدِّثًا ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَنَابِلَةِ ، وَكَانُوا لَا يُحْصُونَ كَثْرَةً
بِبَغْدَاذَ ، فَشَغِبُوا عَلَيْهِ ، وَقَالُوا مَا أَرَادُوا ) :
حَسَدُوا الْفَتَى إِذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ فَالنَّاسُ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا
حَسَدًا وَبَغْيًا إِنَّهُ لِدَمِيمُ
وَقَدْ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي
أَبِي جَعْفَرٍ يُعْلَمُ [ مِنْهُ ] مَحَلُّهُ فِي الْعِلْمِ ، وَالثِّقَةِ ، وَحُسْنِ الِاعْتِقَادِ .
فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14231أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَنْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْهُ ، وَمَنْ رَوَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ ، فَقَالَ : " وَكَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الْعُلَمَاءِ يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ ، وَيُرْجَعُ إِلَى رَأْيِهِ لِمَعْرِفَتِهِ وَفَضْلِهِ ، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُومِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ ، وَكَانَ حَافِظًا لِكِتَابِ اللَّهِ ، عَارِفًا بِالْقِرَاءَاتِ ، بَصِيرًا بِالْمَعَانِي ، فَقِيهًا فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا ، صَحِيحِهَا وَسَقِيمِهَا ، نَاسِخِهَا وَمَنْسُوخِهَا ، عَارِفًا بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الْأَحْكَامِ ، وَمَسَائِلِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، خَبِيرًا بِأَيَّامِ النَّاسِ وَأَخْبَارِهِمْ ، وَلَهُ الْكِتَابُ الْمَشْهُورُ فِي تَارِيخِ الْأُمَمِ وَالْمُلُوكِ ، وَالْكِتَابُ الَّذِي فِي التَّفْسِيرِ لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُهُ ، وَلَهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ ، وَأَخْبَارٌ مِنْ أَقَاوِيلِ الْفُقَهَاءِ ، وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ حُفِظَتْ عَنْهُ " .
وَقَالَ
أَبُو أَحْمَدَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ : أَوَّلُ مَا سَأَلَنِي الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13114أَبُو بَكْرٍ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ لِي : كَتَبْتَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16935مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ ؟ قُلْتُ : لَا ! قَالَ : لِمَ ؟ قُلْتُ : لَا يَظْهَرُ ، وَكَانَتِ الْحَنَابِلَةُ تَمْنَعُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ .
[ ص: 679 ] فَقَالَ بِئْسَ مَا فَعَلْتَ ! لَيْتَكَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ كُلِّ مَنْ كَتَبْتَ عَنْهُ ، وَسَمِعْتَ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ .
وَقَالَ
حُسَيْنُكَ ، وَاسْمُهُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابْنِ خُزَيْمَةَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابْنُ خُزَيْمَةَ حِينَ طَالَعَ كِتَابَ التَّفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935لِلطَّبَرِيِّ : مَا أَعْلَمُ عَلَى أَدِيمِ الْأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ
أَبِي جَعْفَرٍ ، وَلَقَدْ ظَلَمَتْهُ الْحَنَابِلَةُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14902أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْفَرْغَانِيُّ ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَصَانِيفَهُ : وَكَانَ
أَبُو جَعْفَرٍ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ ، وَلَا يَعْدِلُ ، فِي عِلْمِهِ وَتِبْيَانِهِ ، عَنْ حَقٍّ يَلْزَمُهُ لِرَبِّهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ ، إِلَى بَاطِلٍ لِرَغْبَةٍ وَلَا رَهْبَةٍ ، مَعَ عَظِيمِ مَا كَانَ يَلْحَقُهُ مِنَ الْأَذَى وَالشَّنَاعَاتِ مِنْ جَاهِلٍ ، وَحَاسِدٍ ، وَمُلْحِدٍ .
وَأَمَّا أَهْلُ الدِّينِ وَالْوَرَعِ فَغَيْرُ مُنْكِرِينَ عِلْمَهُ ، وَفَضْلَهُ ، وَزُهْدَهُ ، وَتَرْكَهُ الدُّنْيَا مَعَ إِقْبَالِهَا عَلَيْهِ ، وَقَنَاعَتِهِ بِمَا كَانَ يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ قَرْيَةٍ خَلَّفَهَا لَهُ أَبُوهُ
بِطَبَرِسْتَانَ يَسِيرَةٍ ، وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ لَا يُحْتَمَلُ هَاهُنَا أَكْثَرُ مِنْ هَذَا .