الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر القبض على الوزير ابن الفرات وولده المحسن

ثم إن الإرجاف كثر على ابن الفرات ، فكتب إلى المقتدر يعرفه ذلك ، وأن الناس إنما عادوه لنصحه وشفقته ، وأخذ حقوقه منهم ، فأنفذ المقتدر إليه يسكنه ويطيب ( قلبه [ ص: 692 ] فركب هو وولده إلى المقتدر ، فأدخلهما إليه فطيب ) قلوبهما فخرجا من عنده فمنعهما نصر الحاجب من الخروج ووكل بهما ، فدخل على المقتدر ، وأشار عليه بتأخير عزله فأمر بإطلاقهما ، فخرج هو وابنه المحسن ، فأما المحسن فإنه اختفى وأما الوزير فإنه جلس عامة نهاره يمضي الأشغال إلى الليل ، ثم بات مفكرا ، فلما أصبح سمعه بعض خدمه ينشد :


وأصبح لا يدري وإن كان حازما أقدامه خير له أم وراءه



فلما أصبح الغد ، وهو الثامن من ربيع الأول ، وارتفع النهار أتاه نازوك ، وبليق في عدة من الجند ، فدخلوا إلى الوزير ، وهو عند الحرم ، فأخرجوه حافيا مكشوف الرأس ، وأخذ إلى دجلة ، فألقى عليه بليق طيلسانا غطى به رأسه ، وحمل إلى طيار فيه مؤنس المظفر ، ومعه هلال بن بدر ، فاعتذر إليه ابن الفرات ، وألان كلامه ، فقال له : أنا الآن الأستاذ ، وكنت بالأمس الخائن الساعي في فساد الدولة ، وأخرجتني والمطر على رأسي ورءوس أصحابي ، ( ولم تمهلني ) .

ثم سلم إلى شفيع اللؤلؤي ، فحبس عنده ، وكانت مدة وزارته هذه عشرة أشهر وثمانية عشر يوما ، وأخذ أصحابه وأولاده ولم ينهج منهم إلا المحسن ، فإنه اختفى ، وصودر ابن الفرات على جملة من المال مبلغها ألف ألف دينار .

التالي السابق


الخدمات العلمية