[ ص: 627 ] ذكر ولاية  هشام الأموي  قرطبة  
 لما قطعت دعوة   يحيى بن علي العلوي  عن قرطبة  سنة سبع عشرة وأربعمائة ، على ما ذكرناه قبل ، أجمع أهلها على خلع العلويين  لميلهم إلى البربر  ، وإعادة الخلافة بالأندلس  إلى بني أمية  ، وكان رأسهم في ذلك  أبا الحزم جهور بن محمد بن جهور  ، فراسلوا أهل الثغور والمتغلبين هناك في هذا ، فاتفقوا معهم ، فبايعوا  أبا بكر هشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر الأموي  ، وكان مقيما بالبنت  مذ قتل أخوه  المرتضى  ، فبايعوه في ربيع الأول سنة ثماني عشرة ، وتلقب بالمعتد بالله ، وكان أسن من  المرتضى  ، ونهض إلى الثغور  فتردد فيها ، وجرى له هناك فتن واضطراب شديد من الرؤساء إلى أن اتفق أمرهم على أن يسير إلى قرطبة  دار الملك ، فسار إليها ودخلها ثامن ذي الحجة سنة عشرين [ وأربعمائة ] وبقي بها حتى خلع ثاني ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين . 
وكان سبب خلعه أن وزيره  أبا عاصي بن سعيد القزاز  لم يكن له قديم رئاسة ، وكان يخالف الوزراء المتقدمين ، ويتسبب إلى أخذ أموال التجار وغيرهم ، وكان يصل البربر  ، ويحسن إليهم ويقربهم ، فنفر عنه أهل قرطبة  ، فوضعوا عليه من قتله ، فلما قتلوه استوحشوا من  هشام  فخلعوه بسببه ، فلما خلع  هشام  قام  أمية بن عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن الناصر  ، وتسور القصر مع جماعة من الأحداث ، ودعا إلى نفسه ، فبايعه من سواد الناس كثير ، فقال له بعض أهل قرطبة    : نخشى عليك أن تقتل في هذه الفتنة ، فإن السعادة قد ولت عنكم فقال : بايعوني اليوم واقتلوني غدا . فأنفذ أهل قرطبة  وأعيانهم إليه وإلى  المعتد بالله  يأمرونهما بالخروج عن قرطبة   [ ص: 628 ] فودع  المعتد  أهله وخرج إلى حصن  محمد بن الشور  بجبل قرطبة  ، فبقي معه إلى أن غدر أهل الحصن  بمحمد بن الشور     ( فقتلوه ، وأخرجوا  المعتد  إلى حصن آخر حبسوه فيه ، فاحتال في ) الخروج منه ليلا ، وسار إلى  سليمان بن هود الجذامي  ، فأكرمه وبقي عنده إلى أن مات في صفر سنة ثمان وعشرين [ وأربعمائة ] ، ودفن بناحية لاردة  ، وهو آخر ملوك بني أمية  بالأندلس    . 
وأما  أمية  فإنه اختفى بقرطبة  ، فنادى أهل قرطبة  بالأسواق والأرباض أن لا يبقى أحد من بني أمية  بها ، ولا يتركهم عنده أحد ، فخرج  أمية  فيمن خرج ، وانقطع خبره مدة ، ثم أراد العود إليها ، فعاد طمعا في أن يسكنها ، فأرسل إليه شيوخ قرطبة  من منعه عنها ، وقيل قتل وغيب ، وذلك في جمادى الآخرة سنة أربع وعشرين [ وأربعمائة ] ، ثم انحل عقد الجماعة وانتشر وافترقت البلاد ، على ما نذكره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					