الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) حرم ( عليهما ) أي الرجل والمرأة بالإحرام ( دهن ) شعر ( اللحية والرأس ) ولو بدهن غير مطيب لما فيه من الزينة ( وإن ) كان الرأس ( صلعا ) إن قرئ بوزن حمراء لزم وصف المذكر بالمؤنث ، وإن قرئ بوزن غصن جمعا لأصلع ورد وصف المفرد بالجمع ، والجواب اختيار الثاني ويراد بالرأس الجنس ، أو يقرأ مصدرا بوزن جمل أي ذا صلع أي منحسر الشعر من المقدم .

( و ) حرم عليهما ( إبانة ظفر ) لغير عذر فهو مفهوم قوله آنفا انكسر ( أو ) إزالة ( شعر ) وإن قل بنتف ، أو حلق ، أو قص ( أو وسخ ) إلا ما تحت الظفر ( إلا غسل يديه ) من وسخ ( بمزيله ) أي الوسخ فلا يحرم إن لم يكن المزيل مطيبا ( و ) إلا ( تساقط شعر ) من لحيته مثلا ( لوضوء ) أو غسل ولو مندوبين ولا شيء عليه إن قتل قملا مثلا في الواجبين كالمندوبين على ما يظهر لأنهما مطلوبان ( أو ركوب ) كأن حلق الإكاف مثلا ساقه فلا شيء عليه ( و ) حرم عليهما ( دهن الجسد ) لغير ضرورة والمراد به ما عدا بطن الكف والقدمين بدليل قوله ( ككف ورجل ) أي باطنهما وأما ظاهرهما فداخل في الجسد ، وإنما نص عليهما دفعا لتوهم أنهما مظنة الترخيص ( بمطيب ) [ ص: 61 ] راجع للجسد وما بعده وهو متعلق بمقدر أي وافتدى في دهنها بمطيب مطلقا ( أو ) بغير مطيب ( لغير علة ) بل للتزين ( و ) بغير مطيب ( لها ) أي للعلة أي الضرورة من شقوق ، أو مرض ، أو قوة عمل ( قولان ) بالفدية وعدمها لكن في الجسد لا في باطن الكف والرجل وأما هما فلا فدية اتفاقا ( اختصرت ) المدونة ( عليهما ) أي على القولين .

والحاصل أنه إن دهن ما ذكر بمطيب مطلقا ، أو بغير مطيب لا لعلة افتدى وأما بغير مطيب لعلة ففي باطن الكف والقدم لا فدية ، وفي الجسد قولان فلو عبر المصنف بمثل هذا لأفاد المراد .

التالي السابق


( قوله : وحرم عليهما دهن شعر اللحية والرأس ) قدر " شعر " ; لأن دهن بشرتهما داخل في قوله " ودهن الجسد " فغاير الشارح بين المحلين . ( قوله : شعر اللحية ) أي إن وجد للمرأة لحية . ( قوله : وإن صلعا ) أي هذا إذا كان ذلك الرأس غير أصلع بأن كان شعره نابتا من مقدمه لمؤخره بل ، وإن كان ذا صلع انحسر الشعر عن مقدمه . ( قوله : وإبانة ظفر لغير عذر ) فإن فعل فسيأتي أن فيه حفنة إن لم يكن لإماطة الأذى ، وإلا ففدية وهذا في ظفر نفسه وأما تقليم ظفر غيره فلغو . ( قوله : أو قص ) أي أو قرض بأسنان لكن إن كان شيئا يسيرا أطعم حفنة من طعام وإن كان كثيرا بأن زاد على عشرة فإنه يفتدي كما يأتي . ( قوله : أو وسخ ) أي يحرم على المحرم رجلا ، أو امرأة إزالة الوسخ عنه ; لأن المقصود أن يكون شعثا فإن أزال الوسخ لزمه فدية . ( قوله : إلا ما تحت الظفر ) أي من الوسخ فإنه لا تحرم إزالته ولا فدية فيه كما رواه ابن نافع عن مالك وحينئذ فيقيد كلام المصنف بما عدا تحت الأظفار . ( قوله : إن لم يكن المزيل مطيبا ) أي كالأشنان والغاسول والصابون ومفهومه أنه لو كان المزيل مطيبا فإنه يحرم غسل اليدين به وفيه الفدية وذلك كالرياحين إذا جففت وطحنت لأجل غسل اليد بها . ( قوله : ولو مندوبين ) أي هذا إذا كان الوضوء والغسل واجبين بل ولو مندوبين ، ومراده بالمندوب من الغسل ما يشمل السنة وظاهره أن [ ص: 61 ] تساقط الشعر للوضوء ، أو الغسل المباح كالذي يفعل للتبرد لا يغتفر وليس كذلك نعم إن قتل فيه قملا كثيرا افتدى ، وإن قتل قليلا كعشرة فأقل لزمه قبضة واحدة من الطعام في الجميع . ( قوله : وما بعده ) أي باطن الكف والرجل . ( قوله : أي وافتدى في دهنها بمطيب ) أي سواء كان الإدهان لعذر ، أو لغير عذر سواء كان الإدهان لكل الجسد ، أو لبعضه أو لباطن الكف أو الرجل كلا ، أو بعضا ، وبجعل قوله : بمطيب متعلقا بالمقدار المذكور لا بقوله وحرم دهن الجسد ككف ورجل يندفع ما يقال : إن كلام المصنف هنا يخالف قوله الآتي ولم يأثم إن فعل لعذر ; لأن الكلام هنا في الفدية وعدمها لا في الحرمة وعدمها .

وحاصل فقه المسألة أن الجسد وباطن الكف والرجل يحرم دهن كل واحد منها كلا أو بعضا إن كان لغير علة ، وإلا فلا حرمة وأما الفدية فإن كان الدهن مطيبا افتدى مطلقا كان الإدهان لعلة أو لا ، وإن كان غير مطيب إن كان لغير علة افتدى أيضا ، وإن كان لعلة فقولان . ( قوله : بل للتزين ) أي والتحسين سواء كان الإدهان لكل الجسد ، أو بعضه ، أو لباطن الكف ، أو الرجل كلا أو بعضا . ( قوله : لكن في الجسد ) أي لكن القولان في دهن ظاهر الجسد بغير مطيب لعلة . ( قوله : وأما هما ) أي وأما باطن الكف والرجل إذا دهنهما بغير مطيب لعلة فلا فدية اتفاقا . ( قوله : فلا فدية اتفاقا ) أي خلافا لظاهر المصنف من جريان الخلاف فيهما كظاهر الجسد . ( قوله : اختصرت عليهما ) أي فالبراذعي اختصرها على عدم الوجوب وابن أبي زمنين اختصرها على وجوب الفدية . ( قوله : إن دهن ما يذكر ) أي من الجسد ، أو باطن الكف أو الرجل وقوله : مطلقا أي لعلة ، أو غيرها إن كان الإدهان لكل ما ذكر أو لبعضه . ( قوله : فلو عبر المصنف بمثل هذا ) أي بأن قال وافتدى في دهن الجسد ولو بعضا كبعض بطن كف ، أو رجل بمطيب مطلقا كبغيره لغير علة لا لها ببطن كفيه ورجليه وفي جسده قولان .




الخدمات العلمية