الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) يضمن بسبب ( ترك مواساة وجبت بخيط ) ونحوه ( لجائفة ) بعاقل إن خاط به سلم فترك المواساة حتى تلف ، ومثل الخيط الإبرة ، ومثل الجائفة كل جرح يخشى منه الموت [ ص: 112 ] ( و ) ترك ( فضل ) أي زائد ( طعام أو شراب ) عما يمسك الصحة لا فاضل عن العادة ، وهو الشبع في الأكل ( لمضطر ) حتى مات فيضمن دية خطإ إن تأول في المنع ، وإلا اقتص منه كما يأتي في الجراح ( و ) بترك دفع ( عمد وخشب ) لمن طلب منه ذلك لإسناد جدار مائل ( فيقع ) بالنصب لعطفه على الاسم الخالص أي ترك ( الجدار ) فيضمن ما بين قيمته مائلا ، ومهدوما ( وله ) أي للمواسي ( الثمن ) أي ثمن ما واسى به من خيط ، وما بعده وقت الدفع ( إن وجد ) الثمن عند المضطر حال الاضطرار ، وإلا لم يلزمه ، ولو كان غنيا ببلده أو أيسر بعد ، والمراد بالثمن ما يشمل الأجرة في العمد والخشب .

التالي السابق


( قوله : كل جرح إلخ ) أي فإذا جرح إنسان جرحا يخشى منه الموت سواء كان جائفة أفضت لجوفه أو غير جائفة ، واقتضى الحال خياطته بفتلة خيط أو حرير وجب على كل من كان معه ذلك إذا كان مستغنيا عنه حالا ومآلا أو كان محتاجا له الثوب أو لجائفة دابة لا يموت بموتها أو كان معه الإبرة ، وكان مواساة المجروح بذلك فإن ترك مواساته بما ذكر ، ومات فإنه يضمن ، ومحل الضمان ما لم يكن المجروح منفوذ المقاتل ، وإلا فلا ضمان بترك المواساة ، وإنما يلزم الأدب بتركها ، والدية أو القصاص على الجارح كما أنه لو كان رب الخيط محتاجا له في نفسه أو دابة يموت بموتها وترك الإعطاء [ ص: 112 ] حتى مات فإنه لا ضمان عليه لعدم وجوب المواساة عليه حينئذ .

( قوله : وترك فضل إلخ ) أي وترك إعطاء طعام فاضل وزائد عما يمسك صحته . وحاصله أن الشخص إذا كان عنده من الطعام أو الشراب زيادة على ما يمسك صحته ، وكان معه مضطر فإنه يجب عليه مواساته بذلك الزائد فإن منع ، ولم يدفع له حتى مات ضمن ( قوله : عما يمسك الصحة ) قال خش أي فاضلا عما يمسك الصحة حالا ، ومآلا إلى محل يوجد فيه الطعام هذا هو الظاهر كما أن الظاهر اعتبار الفضل عنه وعمن تلزمه نفقته ، ومن في عياله لا عنه فقط ( قوله : لا فاضل عن العادة ) أي عن عادته في الأكل ، وهو الفاضل بعد شبعه ( قوله : لمضطر ) أي سواء كان آدميا أو حيوانا غير آدمي ، ولا مفهوم لطعام أو شراب بل وكذا فضل لباس أو ركوب بأن كان لو لم يدفئه أو يركبه يموت ، وانظر هل لا بد في الضمان من سؤال المضطر أو يكفي العلم باضطراره ، وهذا هو الظاهر ( قوله : فيضمن ) هذا يقال في هذه المسألة والتي تقدمت .

وقوله دية خطإ إن تأول في المنع أي أنه إذا تأول في المنع لزمه دية خطإ فتكون على عاقلته والمانع كواحد منهم ( قوله : وإلا اقتص منه ) أي ، وإلا يتأول في المنع بل منع عمدا قاصدا قتله اقتص منه ، وهذه الطريقة هي المعتمدة ، وقال اللخمي لا فرق بين التأويل ، وعدمه ، وأن على المانع الدية في الحالتين ( قوله : فيضمن ما بين قيمته إلخ ) ، وكذا يضمن رب العمد والخشب ما تلف بسقوط الجدار من نفس أو مال لكن بشرطين أن ينذر عند حاكم أو غيره ، وأن يكون الوقت من حين الإنذار إلى حين سقوط الجدار يمكن فيه إسناد الجدار ، ولو مكن رب العمد والخشب منها ( قوله : من خيط ، وما بعده ) أي من فضل الطعام والشراب الذي دفعه للمضطر ، والعمد والخشب التي دفعها لمن طلبها منه لإسناده جداره المائل ( قوله : إن وجد الثمن عند المضطر إلخ ) أي ، ولو كان الموجود معه عروضا أو حيوانات ( قوله : وإلا لم يلزمه ) أي ، وإلا يوجد الثمن عند المضطر للخيط أو الإبرة أو لفضل الطعام أو الشراب أو العمد أو الخشب وقت اضطراره لم يلزمه شيء ، ولو أيسر بعد ذلك لا يحاسب على ما مضى أما من وقت اليسار فقد زالت الضرورة فتلزمه أجرة العمد والخشب أخذا من قوله ، وله الثمن إن وجد كذا ذكر بعض الأشياخ والذي ذكره عبق تبعا لشيخه عج أنه إذا لم توجد الأجرة عنده وقت الاضطرار لم يلزمه شيء أصلا ، ولو أيسر لا عن مدة الإعسار ، ولا عن مدة اليسار نظرا لكونه أخذه مجانا بوجه مأذون فيه .




الخدمات العلمية