( باب ) ( اليمين تحقيق ) أي تقرير وتثبيت ( ما ) أي أمر ( لم يجب ) عقلا أو عادة فدخل الممكن عادة ، ولو كان واجبا أو ممتنعا شرعا نحو والله لأدخلن الدار أو لا أدخلها أو لأصلين الصبح أو لا أصليها أو لأشربن الخمر أو لا أشربه والممكن عقلا ولو امتنع عادة نحو لأشربن البحر ، ولأصعدن السماء ، ويحنث في هذا بمجرد اليمين إذ لا يتصور هنا العزم على الضد لعدم قدرته على الفعل ودخل الممتنع عقلا نحو لأجمعن بين الضدين ، ولأقتلن زيدا الميت بمعنى إزهاق روحه ويحنث في هذا أيضا بمجرد اليمين لما مر فالممتنع عقلا أو عادة إنما يأتي فيه صيغة الحنث كما مثلنا ، وأما صيغة البر نحو لا أشرب البحر ، ولا أجمع بين الضدين فهو على بر دائما ضرورة أنه لا يمكن الفعل [ ص: 127 ] وخرج الواجب العادي والعقلي كطلوع الشمس من المشرق وتحيز الجرم فإنه لو قال إن الجرم متحيز فهو صادق ، وإن قال ليس بمتحيز فهو غموس فعلم أن كلامه في اليمين التي تكفر ( بذكر اسم الله ) الباء سببية متعلقة بتحقيق فهذا من تمام التعريف وشمل كل اسم من أسمائه تعالى ( أو صفته ) الذاتية كالعلم ، وكذا القدم والبقاء والوحدانية ، وكذا المعنوية لا صفة الفعل كخلقه ورزقه .
واعلم أن اليمين عند ابن عرفة وجماعة ثلاثة أنواع القسم بالله أو بصفة من صفاته والتزام مندوب غير مقصود به القربة نحو إن كلمت زيدا فعبدي حر أو فعلي المشي إلى مكة ، وما يجب بإنشاء كإن دخلت الدار فأنت طالق وظاهر المصنف أن النوعين الأخيرين ليسا من اليمين ، وعليه فهما من الالتزامات لا اليمين ( كبالله ) ووالله وتالله ( وهالله ) بحذف حرف القسم ، وإقامة ها التنبيه مقامه ( وأيم الله ) بفتح الهمزة ، وكسرها أي بركته ، وأصلها أيمن الله ( وحق الله ) إذا أراد الحالف به الصفة القديمة كعظمته لا إن أراد به حقه على عبادة من العبادات ( والعزيز ) من عزيز بفتح العين إذا غلب أو لم يوجد له مثل وبكسرها إذا قل حتى لا يكاد يوجد له نظير ( وعظمته وجلاله ، وإرادته ، وكفالته ) أي التزامه ، ويرجع لكلامه كالوعد بالثواب ( وكلامه ) ( والقرآن والمصحف ) ما لم ينو النقوش أو هي مع الأوراق .


