الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن حيزوا ) أي من لم يجز قتلهم سوى الراهب والراهبة أن صاروا مغنما ، وقتلهم شخص ( فقيمتهم ) على قاتلهم يجعلها الإمام في الغنيمة ( والراهب والراهبة ) المنعزلان بلا رأي ( حران ) فلا يؤسران ، ولا يقتلان ، وإن كان لا دية على قاتلهما وعلق بقوله قتلوا قوله : ( بقطع ماء ) عنهم أو عليهم حتى يغرقوا ( وآلة ) كسيف ورمح ومنجنيق ، ولو فيهم النساء والصبيان ( وبنار إن لم يمكن غيرها ) ، وقد خيف منهم ( ولم يكن فيهم مسلم ) فإن أمكن غيرها أو كان فيهم مسلم لم يحرقوا بها ، ويجوز قتلهم بها بالشرطين ( وإن ) كنا ، وإياهم أو أحد الفريقين ( بسفن ) بناء على أن المبالغة راجعة للمنطوق ( و ) قوتلوا ( بالحصن بغير تحريق ) بنار ( وتغريق ) بماء ، وهذا كالتخصيص لظاهر قوله المتقدم بقطع ماء وآلة بالنظر لقوله [ ص: 178 ] ( مع ذرية ) أو نساء أي ، وقوتلوا بالحصن بغير ما ذكر حال كونهم مع ذرية أي ما لم يخف منهم على المسلمين ( وإن تترسوا بذرية ) أو نساء ( تركوا ) لحق الغانمين ( إلا لخوف ) على المسلمين ( و ) إن تترسوا ( بمسلم ) قوتلوا ، و ( لم يقصد الترس ) بالرمي وإن خفنا على أنفسنا لأن دم المسلم لا يباح بالخوف على النفس ( إن لم يخف على أكثر المسلمين ) فإن خيف سقطت حرمة الترس ، وجاز رميه ( وحرم نبل سم ) أي حرم علينا رميهم بنبل أو رمح أو نحوهما مسموم خوفا من أن يعاد منهم إلينا كذا عللوا .

التالي السابق


( قوله : سوى الراهب والراهبة ) أي وأما هما فلا يحازان لأنهما لا يؤسران كما قال المصنف بعد والراهب والراهبة حران ( قوله : الراهب والراهبة المنعزلان بلا رأي حران ) التقييد بلا رأي خاص بالراهب لما مر أن رأي المرأة غير معتبر ; لأن الرأي في ترك رأيها ( قوله : إن لم يمكن غيرها وقد خيف منهم ) ما ذكره من التقييد بالخوف فهو غير صواب بل مذهب المدونة أنه إذا لم يمكن غيرها فإنهم يقاتلون بها ولو لم يخف منهم على المسلمين إن تركناهم ، انظر بن ( قوله : أو كان فيهم مسلم لم يحرقوا بها ) ظاهره ولو خفنا منهم ، وهو كذلك كما لابن الحاجب التوضيح هو المذهب خلافا للخمي ( قوله : بناء على أن المبالغة راجعة للمنطوق ) قيل الأولى جعلها راجعة للمفهوم أي أنه إذا أمكن غير النار أو كان فيهم مسلم فإنهم لا يقاتلون بالنار ولو بسفن ، وذلك ; لأنه إذا اجتمع الشرطان جاز قتلهم بالنار اتفاقا في السفن كالحصن فلا محل للمبالغة على السفن .

وقد يقال المصنف لم يأت بلو التي لرد الخلاف ، وإنما أتى بإن ، والمبالغة يكفي في صحتها مجرد دفع التوهم ، وقد يتوهم أن النار تتلف حق الغازين في السفن ( قوله : وبالحصن ) عطف على مقدر أي ، وقوتلوا في غير الحصن بقطع ماء وآلة ، وفي الحصن بغير تحريق إلخ ( قوله : وهذا كالتحصيص إلخ ) هذا غير صواب [ ص: 178 ] لما علمت من أن قوله وبالحصن عطف على مقدر .

( قوله : مع ذرية ) أي ونساء ، ومن باب أولى إذا كان عندهم في الحصن مسلم ( قوله : حال كونهم مع ذرية ) أي فإن لم يكن معهم ذرية جاز رميهم بالنار وتغريقهم ففي المواق الحصون إذا لم يكن فيها إلا المقاتلة أجاز في المدونة أن يرموا بالنار ( قوله : ما لم يخف منهم على المسلمين ) أي وإلا قوتلوا بما ذكر من النار والماء ، ولو كان فيهم الذرية والنساء والأسارى ( قوله : وإن تترسوا ) أي الكفار لا بقيد كونهم في الحصن وقوله : تركوا أي من غير قتال ( قوله : إلا لخوف على المسلمين ) أي من تركهم بغير قتال فيقاتلون حينئذ ، وقوله : إلا لخوف على المسلمين أي على جنسهم ، ولو كان واحدا . ا هـ عدوي . ( قوله : وإن تترسوا بمسلم قوتلوا ) أي ، وأولى إذا تترسوا بأموال المسلمين فيقاتلون ، ولا يتركون وينبغي ضمان قيمته على من رماهم قياسا على ما يرمى من السفينة للنجاة من الغرق بجامع أن كلا إتلاف مال للنجاة قاله شيخنا ( قوله : وإن خفنا على أنفسنا ) أي جنس أنفسنا المتحقق في بعض الجيش ( قوله : إن لم يخف على أكثر المسلمين ) هذا شرط في عدم قصد الترس أي أن محل كونهم إذا تترسوا بمسلم يقاتلون ولا يقصد الترس إذا لم يخف على أكثر المسلمين أي بأن لم يخف عليهم أصلا أو خيف على أقل المسلمين أو على نصفهم فإن خيف على أكثرهم جاز رمي الترس والمراد بالمسلمين هنا جماعة الجيش المقاتلين للكفار دون المتترس بهم وظاهره أنه إذا خيف على أكثر الجيش يجوز أن يرمى الترس ، ولو كان المسلمون المتترس بهم أكثر من المجاهدين ، وهو كذلك كما قاله شيخنا .

( قوله : أي حرم علينا ) ظاهره ولو رمونا به أولا ( قوله : كذا عللوا ) أي ، وهو لا ينتج الحرمة والذي في النوادر عن مالك الكراهة ، ونحوه لابن يونس فحملها المؤلف على التحريم




الخدمات العلمية