الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وفي ) إمضاء العتق ( المؤجل ) ( تردد ) والراجح الإمضاء كما مر ، وإذا كان يمضي التدبير كما تقدم فأولى العتق المؤجل فكان الأولى حذف هذا التردد ( ولمسلم أو ذمي أخذ ما وهبوه ) أي الحربيون ( بدارهم ) ، وكذا بدارنا قبل تأمينهم ( مجانا ) معمول لأخذ ( و ) إن بذلوه لنا ( بعوض ) أخذه مالكه ( به ) بمثل المثلي ، وقيمة المقوم وتعتبر قيمته هناك ( إن لم يبع ) أي إن لم يبعه آخذه منهم في المسألتين فإن باعه الموهوب له أو المعاوض عليه ( فيمضي ) البيع ، وليس لربه إليه سبيل ( ولمالكه ) المسلم أو الذمي حينئذ ( الثمن ) على البائع إن كانت الهبة مجانا ( أو الزائد ) عليه إن أخذه بعوض كأن يأخذه بمائة ويبيعه بمائتين فيأخذ المائة الزائدة ( والأحسن ) أي الأرجح ( في ) المال ( المفدي ) بفتح الميم ، وكسر الدال كالمشوي اسم مفعول أصله [ ص: 199 ] مفدوي ( من لص ) ونحوه كمحارب وغاصب وظالم من كل مال أخذ من صاحبه بغير رضاه ولم يمكن الوصول إليه إلا بالفداء ( أخذه بالفداء ) الذي يفدى به مثله عادة إذا لم يفده ليمتلكه فإن أمكنه خلاصه بلا شيء أو بدون ما دفع أخذه في الأول بلا شيء كما لو فداه ليتملكه ، وفي الثاني بما يتوقف خلاصه عليه عادة ، ومقابل الأحسن أخذه بلا شيء مطلقا ; لأن اللص ليس له شبهة ملك بخلاف الحربي .

التالي السابق


( قوله : وفي المؤجل إلخ ) أي أن من اشترى عبدا من الغنيمة أو من حربي بدار الحرب ، وعرف ذلك العبد لمعين فتصرف فيه ذلك المشتري بالعتق لأجل قبل أن يخبر سيده فهل يمضي ذلك العتق أو لا تردد للخمي وابن بشير ، وهو فيما إذا أخذه لا ليرده لربه فكان حق المصنف أن يقدمه على قوله إن لم يأخذه إلخ ، وقد قدمه خش هناك ، وهو حسن غير أنه خلاف النسخ انظر بن ( قوله : وإذا كان يمضي التدبير ) أي ويفوته على ربه ( قوله : والمسلم إلخ ) صورتها رجل دخل بلاد الحرب فوهبه حربي سلعة أو عبدا هرب لدار الحرب وأغار عليه الحربي وأخذه فإذا قدم الموهوب له بذلك فإن ربه المسلم أو الذمي يأخذ منه بغير عوض ( قوله : وكذا بدارنا قبل تأمينهم ) أي ، وأما ما باعوه أو وهبوه بدارنا بعد تأمينهم فقد تقدم أنه يفوت على ربه ( قوله : بمثل المثلي ، وقيمة المقوم ) فيه نظر ، والذي في التوضيح و ح أن الواجب مثل العوض في محله ولو كان مقوما كمن أسلف عرضا فلا يلزمه إلا مثله في موضع السلف نعم إن عجز عن المثل في محله اعتبرت القيمة في العوض ، ولو كان مثليا ونص التوضيح إنما يأخذه ربه بالثمن فإن كان عينا دفع إليه مثله حيث لقيه فإن كان مثليا أو عرضا دفع إليه مثل ذلك ببلد الحرب إن كان الوصول إليها يمكن كمن أسلف ذلك فلا يلزمه إلا مثله بموضع السلف ابن يونس فإن لم يمكن الوصول إليها فعليه هنا قيمة ذلك المكيل ببلد الحرب . ا هـ . بن والحاصل أنه يلزم ربه إذا أراد أخذه أن يرد مثل الثمن سواء كان عينا أو غيرها لكن إن كان عينا دفعه في أي محل ، وإن كان غير عين دفعه بمحل المعاوضة إن أمكن ، وإلا فبغيره إن ساوت قيمته بموضع الدفع قيمته بموضع المعاوضة ، وإلا فالواجب اعتبار قيمته بدار الحرب ولو زادت على قيمته هنا .

( قوله : في المسألتين ) أي مسألة أخذه من الحربي بهبة ومسألة أخذه منه بمعاوضة ( قوله : والأحسن ) أي والقول الأحسن بمعنى الأرجح من القولين عن ابن عبد السلام في المفدي من لص أخذه بالفداء قياسا على ما فدي من دار الحرب ; ولأنه ولو أخذه ربه ممن فداه وخلصه بغير شيء مع كثرة اللصوص لسد هذا الباب مع كثرة حاجة [ ص: 199 ] الناس إليه ابن ناجي وبه كان يفتي شيخنا الشبيبي ( قوله : مفدوي ) اجتمعت الواو والياء وسبقت أحدهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء ، وقلبت ضمة الدال كسرة لمناسبة الياء ( قوله : كمحارب وغاصب وظالم ) قال السيد البليدي من ذلك الكاشف الذي يمسك زرع أو بهائم إنسان ظلما فيفديه إنسان ( قوله : من كل مال أخذ ) الأولى من كل آخذ مال إلخ .

( قوله : إذا لم يفده ليتملكه ) هذا القيد لابن هارون فإن فداه ليتملكه أخذ منه مجانا ابن ناجي لا يبعد أن يكون هذا مراد من ذهب للقول الثاني فيرجعان للوفاق . ا هـ بن . قال في التوضيح : ولا يجوز دفع أجرة للفادي إن كان قد دفع الفداء من عنده ; لأنه سلف وإجارة ، وأما إن كان الدافع للفداء غيره ففي جواز دفع الأجرة له مجال للنظر انظر بن ( قوله : مطلقا ) أي سواء فداه ليتملكه أو فداه بقصد دفعه لربه .




الخدمات العلمية