الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) الحكم ( في ) أهل ( الصلح ) لا يخلو من أربعة أقسام ; لأن الجزية إما أن تضرب عليهم مجملة على الأرض والرقاب أو مفصلة على الرقاب فقط أو على الأرض فقط أو عليهما ف ( إن ) ( أجملت ) على الأرض والرقاب بأن ضربت على البلد بما حوت من أرض ورقاب من غير تفصيل ما يخص كل شخص ، وما يخص الرقاب من الأرض ( فلهم أرضهم ) يقسمونها ويبيعونها ولا يتعرض لهم فيها ولا يزاد في الجزية بزيادتهم ولا تنقص بنقصهم .

( و ) لهم ( الوصية بمالهم ) كله ، وأولى ببعضه ( وورثوها ) أي الأرض وكذا مالهم فإن لم يكن لهم وارث عندهم لأهل دينهم على حسب ما يرونه عندهم ( وإن ) ( فرقت ) جزيتهم ( على الرقاب ) فقط كعلى كل رأس كذا سواء أجملت على الأرض أو سكت عنها ، وكذا إن فرقت على الأرض وأجملت على الرقاب كعلى كل فدان كذا أو فرقت عليها معا ( فهي ) أي الأرض ، وكذا مالهم ( لهم ) يبيعونها ويرثونها كمالهم وتكون لهم إن أسلموا ( إلا أن يموت ) واحد منهم ( بلا وارث ) في دينهم ( فللمسلمين ) أرضه وماله ( ووصيتهم في الثلث ) فقط حيث لا وارث عندهم ، وما بقي للمسلمين ، فإن مات وله وارث فله الوصية بجميع ماله إذ لا نتعرض لهم حينئذ فلو حذف المصنف قوله على الرقاب لكان أخصر وأشمل ، وأما قوله : وإن فرقت عليها إلخ فهو في بيع الأرض وخراجها ولذا قال ( وإن ) ( فرقت ) الجزية ( عليها ) أي الأرض كعلى كل فدان أو زيتونه أو ذراع كذا سواء أجملت على الرقاب أو سكت عنها ( أو ) فرقت ( عليهما ) كعلى كل فدان كذا ، وعلى كل رأس كذا ( فلهم بيعها ) أي الأرض ( وخراجها ) في كل سنة ( على البائع ) في المسألتين لا على المشتري إلا أن يموت أو يسلم فتسقط عنه ، وعن المشتري فإن أسلم الصلحي فأرضه وماله ملك له وسقط ما ضرب عليه .

التالي السابق


( قوله : لا يخلو من أربعة أقسام ) أي ، وفي الجميع لهم أرضهم ومالهم فيهبون ويقسمون ويبيعون ويورث عنهم إلا أن القسم الأول يفترق من غيره من جهة أن من مات منهم بلا وارث فأرضه وماله لأهل دينه ، وله الوصية حينئذ بجميع ماله وإن لم يكن له وارث بخلافه في غير الأول فإن من مات بغير وارث فماله وأرضه للمسلمين ووصيتهم في الثلث إن لم يكن وارث ، وإذا فصلت الجزية على الأرض والرقاب أو على الأرض دون الرقاب فاختلف في بيع الأرض فقيل يمنع من بيعها ، وقيل بجوازه ، وخراجها يكون على المشتري والمشهور قول ابن القاسم في المدونة ، وهو جواز بيعها والخراج على البائع وعليه مشى المصنف هذا حاصل المسألة ( قوله : ولا تتعرض لهم فيها ) أي لا بضرب خراج ، ولا بأخذ عشر الزرع ، ولا غيره .

( قوله : ولا يزاد في الجزية بزيادتهم إلخ ) ، وكذا لا يبرأ أحد منهم إلا بأداء الجميع ; لأنهم حملاء ( قوله : ولهم الوصية بمالهم كله وأولى ببعضه ) أي ، وإن لم يكن وارث ( قوله : ووصيتهم في الثلث فقط ) أي ; لأن لنا حظا في مالهم من حيث إن الباقي بعد الثلث يكون لنا فيحجر عليهم فيما زاد على الثلث بخلاف ما إذا أجملت أو فصلت ، وكان لهم وارث فلا كلام لنا معهم ; لأنه لا حق لنا حينئذ في مالهم ( قوله : وما بقي ) أي بعد الثلث الذي خرج وصية ( قوله : فلهم بيعها ) ، وقيل ليس لهم بيعها ، وقوله : وخراجها على البائع ، أي وقيل على المشتري ، والمراد بخراجها ما ضرب عليها من الجزية في كل سنة .




الخدمات العلمية