الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
وأجاب عن السؤال الثاني بقوله ( والتحريم ) في المختلف فيه يقع تارة ( بعقده ) كما لو تزوج محرم مثلا ففسخ نكاحه قبل الدخول بها فإنه يحرم عليه نكاح أمها دون بنتها ; لأن العقد [ ص: 240 ] على البنت يحرم الأم ( و ) تارة يقع ( وطئه ) فيما يحرم وطؤه أو التلذذ بمقدماته ، كما لو تزوج المحرم امرأة فدخل بها ففسخ فإنه يحرم عليه نكاح ابنتها ، ولو فسخ قبله لم تحرم عليه فالحاصل أن المختلف فيه كالصحيح ، وأجاب عن الثالث بقوله ( وفيه ) أي في المختلف فيه ( الإرث ) إذا مات أحد الزوجين قبل الفسخ دخل بها أو لم يدخل فإن فسخ قبل الموت فلا إرث ، ولو دخل أو كانت العدة باقية ; لأنه طلاق بائن كما تقدم ( إلا ) ( نكاح المريض ) فلا إرث فيه ، وإن كان مختلفا في فساده مات المريض أو الصحيح ; لأن سبب فساده إدخال وارث ومثله نكاح الخيار لا إرث فيه ; لأنه لما كان منحلا كان كالعدم وعطف على كمحرم قوله : ( وإنكاح العبد ) بأن تولى عقد امرأة ( والمرأة ) بأن عقدت على نفسها أو غيرها فهو من المختلف فيه لكن قال المصنف : لا أعلم من قال بجواز كون العبد وليا بخلاف المحرم ، وإنكاح المرأة نفسها فإنه لأبي حنيفة ويجاب بأن الكلام في المختلف في صحته وفساده ، وإن اتفق على منعه ابتداء كالشغار وعطف على قوله اختلف فيه قوله : ( لا ) إن ( اتفق على فساده فلا طلاق ) أي ليس فسخه طلاقا بل طلاق ، وإن عبر فيه بالطلاق ولا يحتاج لحكم لعدم انعقاده ( ولا إرث ) فيه إن مات أحدهما قبل الفسخ ( كخامسة ) مثال للمتفق عليه وكأم زوجته وعمتها وخالتها ( وحرم وطؤه ) ، وكذا مقدماته فاحترز بقوله ( فقط ) عن العقد .

التالي السابق


( قوله : والتحريم بعقده ) أي فيمن تحرم بالعقد وهي الأم [ ص: 240 ] وقوله : ووطئه أي فيمن تحرم بالوطء ومثله التلذذ أي وهي البنت وبهذا التقرير علم أنه لا يستغنى عن قوله ووطئه بقوله بعقده ; لأن لكل واحد منهما موضوعا .

( قوله : فالحاصل أن المختلف فيه كالصحيح ) أي وحينئذ بالعقد الفاسد المختلف فيه يحرم المنكوحة على أصوله وفصوله ويحرم عليه أصولها ; لأن العقد على البنات يحرم الأمهات ولا يحرم عليه فصولها ; لأن العقد على الأمهات لا يحرم البنات .

( قوله : إلا نكاح المريض فلا إرث فيه ) أي إذا مات أحدهما قبل الفسخ ، ولو بعد الدخول .

( قوله : وإن كان مختلفا في فساده ) أي لأن مذهب الشافعي صحته ومذهبنا أنه فاسد يفسخ قبل الدخول وبعده إلا أن يصح المريض منهما فلا يفسخ .

( قوله : إدخال وارث ) أي وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وللأصل في النهي الفساد وقوله : إدخال وارث أي وهذا متحقق إذا مات المريض أو الصحيح .

( قوله : ومثله نكاح الخيار ) أي فإنه لا إرث فيه إذا حصل الموت قبل الدخول وقبل الفسخ وأما لو حصل دخول فقد لزم .

( قوله : وعطف على كمحرم إلخ ) إنما جعله عطفا عليه ; لأن إنكاح العبد والمرأة فيه الإرث ، ولو جعله عطفا على المريض لاقتضى أنه لا إرث في إنكاحهما وهو قول ضعيف لأصبغ وكان من حق المصنف أن يقدم قوله ، وإنكاح العبد بعد قوله وشغار ; لأن إنكاح العبد والمرأة من جملة المختلف فيه الذي يفسخ بطلاق فلعل ناسخ المبيضة أخره عن محله ، كذا قال المواق وابن غازي وعبق قال بن وفيه نظر والظاهر أن قوله : وإنكاح العبد بالنصب عطفا على قوله إلا نكاح المريض ، وكأنه اعتمد قول أصبغ كما اعتمده ابن يونس ونصه على ما عقده العبد على ابنته أو على غيرها أو عقدته المرأة على بنتها أو بنت غيرها أو على نفسها يفسخ قبل البناء وبعده ، وإن ولدت الأولاد أجازه الولي أولا بطلقة ولها المسمى إن دخل أصبغ ولا إرث فيما عقدته المرأة والعبد ، وإن فسخ بطلاق لضعف الاختلاف فيه وفي التوضيح أيضا أصبغ ولا ميراث في النكاح الذي تولى العبد عقدته ، وإن فسخ بطلقة لضعف الاختلاف فيه ا هـ فقد اعتمد قول أصبغ رحمه الله .

( قوله : وإن اتفق على منعه ) أي والعبد ، وإن لم يقل أحد بجواز ولايته إلا أنه قيل بصحتها بعد الوقوع .

( قوله : بل بلا طلاق إلخ ) أي بل فسخه متلبس بعدم الطلاق .

( قوله : وإن عبر ) أي الزوج .

( قوله : ولا يحتاج لحكم إلخ ) أي بخلاف المختلف فيه فإنه يحتاج للحكم إن حصل تنازع ، وأما إن تراضيا عليه فلا يحتاج لحكم ويكفي فسخ الزوج له بقوله طلقتك أو فسخت نكاحك كما مر .

( قوله : وحرم وطؤه ) يعني أن العقد في النكاح المتفق على فساده لا ينشر الحرمة بل إنما ينشرها الوطء إن درأ الحد كأن يجهل الحكم في الخامسة ، وأما لو علم الحكم كأن زنا فيحد ولا يكون وطؤه ناشرا للحرمة ، إذ لا يحرم بالزنا حلال على المعتمد ومقدمات الوطء كالوطء فإذا عقد على خامسة جاهلا للحرمة حل له أن يتزوج بأمها وبنتها ولا تحرم على أصوله وفصوله ولا أثر للعقد فإن وطئها أو تلذذ بها نشر الحرمة ويحرم عليه أصولها وفصولها وتحرم على أصوله وفصوله




الخدمات العلمية