الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) اختار ( إحدى أختين ) ونحوهما من كل محرمتي الجمع إذا أسلم عليهما ( مطلقا ) من نسب أو رضاع كانا في عقد أو عقدين دخل بهما أو بأحدهما أو لا ( و ) اختار ( أما وابنتها لم يمسهما ) الواو بمعنى أو أي يختار من شاء منهما جمعهما في عقد أو عقدين ; لأن العقد الفاسد لا أثر له وإلا لحرمت الأم مطلقا وفي بعض النسخ وأم بالجر عطفا على أختين فالواو على بابها ( وإن مسهما ) أي تلذذ بهما ( حرمتا ) أبدا ; لأنه وطء شبهة وهو ينشر الحرمة ( و ) إن مس ( إحداهما تعينت ) أي للبقاء إن شاء أي إن أراد إبقاء واحدة تعينت الممسوسة للبقاء وحرمت الأخرى أبدا ( ولا يتزوج ابنه ) أي ابن من أسلم على أم وابنتها ( أو أبوه من فارقها ) يتبادر من ذكر ذلك عقب مسألة الأم وابنتها أن ذلك خاص بهما وعليه فالنهي للكراهة لا للتحريم إن كان الفراق قبل البناء ; لأنه لم يكن إلا العقد وعقد الكفر لا ينشر الحرمة ، وإن كان بعده فللتحريم ويحتمل أن كلامه في محرمتي الجمع مطلقا أو فيمن أسلم على أكثر من أربع وعليه فالنهي للتحريم إن كانت التي فارقها مسها ; لأن مسها بمنزلة العقد الصحيح فتحرم على أصله وفرعه ( واختار بطلاق ) أي يعد مختارا بسبب طلاق ، إذ لا يكون الطلاق إلا في زوجة فإن طلق واحدة معينة كان له من البواقي ثلاث ، وإن طلق أربعا لم يكن له شيء كأن طلق واحدة مبهمة ( أو ظهار ) ; لأنه يدل على الزوجية ( أو إيلاء ) ; لأنه لا يكون إلا في الزوجة ( أو وطء ) فمتى وطئ بعد إسلامه واحدة أو تلذذ بها ممن أسلمن أو كن كتابيات عد مختارا لها فإن وطئ أكثر من أربع فالعبرة بالأول ( و ) اختار ( الغير ) [ ص: 273 ] أي غير المفسوخ نكاحها ( إن فسخ ) الزوج ( نكاحها ) أي يختار غير من فسخ نكاحها أي إذا قال من أسلم فسخت نكاح فلانة ففسخه يعد فراقا ويختار أربعا غيرها والفرق بين الطلاق والفسخ أن الفسخ يكون في المجمع على فساده بخلاف الطلاق فإنما يكون في الزوجة من الصحيح والمختلف فيه ، ولو قال وغير من فسخ نكاحها لكان أخصر وأظهر ( أو ) اختار الغير إن ( ظهر أنهن ) أي المختارات ( أخوات ) ونحوهن من محرمتي الجمع فيختار غيرهن ، وكذا له اختيار واحدة منهن خلافا لظاهر المصنف فلو قال وواحدة ممن ظهر أنهن كأخوات لكان أحسن ( ما لم يتزوجن ) أي الغير أي غير المختارات وجمع باعتبار المعنى أي ويتلذذ الثاني بهن غير عالم بأن من فارقها له اختيارها لظهور أن من اختارهن أخوات قياسا على ذات الوليين فإن لم يتلذذ أصلا أو تلذذ عالما بما ذكر فلا يفوت اختياره لها فلو قال المصنف وواحدة ممن ظهر أنهن كأخوات وباقي الأربع من سواهن ما لم يتلذذ بهن زوج غير عالم لأفاد المراد بلا كلفة ( ولا شيء ) من الصداق ( لغيرهن ) أي لغير المختارات ( إن لم يدخل به ) أي بالغير فإن دخل فلها صداقها فإن لم يختر شيئا أصلا من كالعشرة بأن فارقهن قبل البناء بعد إسلامه لزمه لأربع منهن غير معينات صداقان ، إذ في عصمته شرعا أربع وإذا قسم اثنان على عشرة ناب كل واحدة منهن خمس صداقها ( كاختياره ) أي المسلم مطلقا أعم من أن يكون أصليا أو كافرا ، ثم أسلم ( واحدة ) كائنة ( من أربع رضيعات تزوجهن [ ص: 274 ] و ) بعد عقده عليهن ( أرضعتهن امرأة ) تحل له بناتها فصرن إخوة من الرضاع فإن اختار واحدة فلا شيء لغيرها من الصداق فإن لم يختر شيئا وطلقهن قبل البناء لزمه نصف صداق لغير معينة فلكل ثمن مهرها ، إذ هو الخارج بقسمة نصف صداق على أربعة فإن أرضعتهن أمه أو أخته لم يختر منهن شيئا ( وعليه ) أي على من أسلم على أكثر من أربع نسوة ( أربع صدقات ) تقسم بينهن بنسبة ما لهن ( إن مات ولم يختر ) شيئا منهن فإذا كن عشرة فلكل واحدة خمسا صداقها بنسبة قسم أربع صدقات على عشرة وإذا كانت ستا كان لكل واحدة ثلثا صداقها وهذا إذا لم يكن دخل بهن وإلا فللمدخول بها صداق كامل ولغيرها خمسا صداقها أو ثلثاه على ما تقدم ( ولا إرث ) لمن أسلمت منهن ( إن ) مات مسلما قبل أن يختار و ( تخلف أربع كتابيات ) حرائر ( عن الإسلام ) لاحتمال أنه كان يختارهن فوقع الشك في سبب الإرث ولا إرث مع الشك فلو تخلف عن الإسلام دونهن فالإرث للمسلمات ; لأن الغالب فيمن اعتاد الأربع فأكثر أن لا يقتصر على أقل ( أو ) مات مسلم عن زوجتين مسلمة وكتابية [ ص: 275 ] وقد طلق إحداهما و ( التبست المطلقة ) بائنة أو رجعيا وانقضت العدة ( من مسلمة وكتابية ) فلا إرث للمسلمة لثبوت الشك في زوجيتها ( لا إن ) ( طلق ) رجل ( إحدى زوجتيه ) المسلمتين طلاقا غير بائن ( وجهلت ) المطلقة منهما ( ودخل بإحداهما ) وعلمت ( ولم تنقض العدة ) ( فللمدخول بها الصداق ) كاملا للدخول ( وثلاثة أرباع الميراث ) ; لأنها تنازع غير المدخول بها في الميراث وتقول : أنا لم أطلق بائنا فهو لي بتمامه غير المدخول بها تدعي أنها في العصمة وأن لها نصف الميراث وللأخرى نصفه فيقسم النصف بينهما نصفين ; لأن المنازعة إنما وقعت فيه فلذا قال ( ولغيرها ) أي لغير المدخول بها ( ربعه ) أي ربع الميراث ( و ) لها ( ثلاثة أرباع الصداق ) أي صداقها ; لأنها إن كانت هي المطلقة فليس لها إلا نصفه ونصفه الآخر للورثة ، وإن كانت المطلقة هي المدخول بها فلهذه جميع صداقها لتكمله بالموت فالنزاع بينهما وبين الورثة في النصف الثاني فيقسم بينهما نصفين فلها منه الربع مع النصف الذي لا منازع لها فيه فيصير لها ثلاثة أرباع الصداق وللورثة ربعه بعد يمين كل على ما ادعى ونفي دعوى صاحبه ومفهوم قوله لم تنقض العدة أنها لو انقضت قبل موته فالصداق على ما ذكر المصنف والميراث بينهما نصفين ، وكذا لو كان بائنا ، وإن لم يدخل بواحدة فلكل واحدة ثلاثة أرباع الصداق والميراث بينهما سواء ، وإن دخل بهما فلكل صداقها والميراث بينهما سواء إلا أنه إذا كان الطلاق رجعيا لم يكن من صور الالتباس .

التالي السابق


( قوله : من كل محرمتي الجمع ) أي غير الأم وابنتها لذكر المصنف لهما بعد وذلك كالمرأة وعمتها أو خالتها أو بنت أخيها أو بنت أختها .

( قوله : كانا أي محرمتا الجمع ) أي كان جمعهما في عقد أو عقدين وظاهره ، ولو علمت الأولى وما تقدم من أنه إذا جمعهما بعقدين وعلمت الأولى فإنها تتعين فهو في النكاح الصحيح لا في الفاسد كما هنا ا هـ عدوي .

( قوله : لم يمسهما ) أي في حال كفره وإنما عقد عليهما فيه عقدا واحدا وعقدين وأسلمتا معه أو كانتا كتابيتين وأسلم عليهما .

( قوله : وإلا لحرمت الأم ) أي وإلا لو كان له أثر لحرمت الأم لأن العقد على البنات يحرم الأمهات وقوله : مطلقا أي سواء مس البنت أم لا .

( قوله : وحرمت الأخرى أبدا ) فإن كانت الممسوسة البنت تعين بقاؤها وحرمت عليه الأم اتفاقا ، وإن كانت الممسوسة الأم تعين بقاؤها وحرمت البنت على مذهب المدونة ومقابله يقول لا يتعين إبقاء الأم ومسها كلامس وله أن يتزوج البنت ا هـ تقرير عدوي .

( قوله : أي ابن من أسلم على أم وابنتها ) الحق كما كتب العلامة السيد البليدي وانحط عليه كلام بن آخرا أنه لا مفهوم للأم وابنتها وأنه إذا كان الفراق قبل البناء فالنهي لكراهة التنزيه فقط لوجود العقد في الجملة ، وإن كان عقد الكفر لا ينشر الحرمة ، وإن كان الفراق بعد البناء فالنهي للتحريم .

( قوله : قبل البناء ) أي بواحدة منهما .

( قوله : فللتحريم ) أي لأن الوطء وطء شبهة وهو ينشر الحرمة .

( قوله : واختار بطلاق ) نبه المصنف بهذا على أنه لا يشترط في الاختيار أن يكون بصريح اللفظ كاخترت فلانة بل يكون بغيره مما يدل عليه من قول أو فعل كما ذكره المصنف .

( قوله : أي يعد مختارا بسبب طلاق ) فإذا طلق بعد إسلامه إحدى الزوجات فإنه يعد بطلاقه مختارا لها فليس له أن يختار أربعا غيرها أي وأما كونه يمكن منها أو لا فهو شيء آخر فإن كان الطلاق قبل الدخول كان بائنا لأن النكاح وإن كان فاسدا بحسب الأصل لكن صححه الإسلام ، وإن كان بعده عمل بمقتضاه من كونه رجعيا أو غيره من بالغ النهاية وغيره .

( قوله : أو إيلاء ) وهل هو اختيار مطلقا وهو ظاهر كلام المصنف ورجعه ابن عرفة أو إنما هو اختيار إن وقت كوالله لا أطؤك إلا بعد خمسة أشهر أو قيد بمحل كلا أطؤك إلا في بلد كذا وإلا فلا يعد اختيارا ; لأنه يكون في الأجنبية والظاهر أن اللعان من الرجل فقط يعد اختيارا ومن المرأة لا يعد اختيارا ، وأما لعانهما معا فيكون فسخا للنكاح فلا يكون اختيارا .

( قوله : أو وطء ) هذا مستفاد مما قبله بالأولى لأنه إذا كان ما يقطع العصمة أو يوجب خللا فيها يحصل به الاختيار فأولى الوطء المترتب اعتباره على وجودها .

( قوله : عد مختارا لها ) أي سواء نوى بذلك الوطء الاختيار أم لا ; لأنه إن نوى به الاختيار فظاهر وإذا لم ينوه لو لم نصرفه لجانب الاختيار لتعين صرفه [ ص: 273 ] لجانب الزنا والنبي يقول { ادرءوا الحدود بالشبهات } كذا قرر عبق .

( قوله : أي غير المفسوخ نكاحها ) أشار إلى أن العوض عن المضاف إليه .

( قوله : إن فسخ ) هو فعل ماض مبني للفاعل .

( قوله : والفرق بين الطلاق والفسخ ) أي حيث جعلوا الطلاق اختيارا والفسخ فراقا تبين به ولا تحل له إلا بعقد جديد .

( قوله : أو اختار الغير إن ظهر إلخ ) أي أو اختار غير الأخوات إن ظهر إلخ .

وحاصله أنه إذا اختار أربعا مثلا وفارق الباقي فظهر أن اللاتي اختارهن أخوات فله أن يختار أربعا من اللاتي فارقهن أو يختار من اللاتي فارقهن ثلاثة وواحدة ممن ظهر أنهن أخوات .

( قوله : فلو قال وواحدة ممن ظهر أنهن كأخوات لكان أحسن ) أجيب بأمرين الأول أن المراد إن ظهر أنهن أخوات لمن أسلم الثاني أن اختيار الواحدة ممن ظهر أنهن أخوات هي قوله : وإحدى أختين مطلقا ا هـ عدوي .

( قوله : ما لم يتزوجن ) حاصله أنه إذا اختار أربعا فبمجرد اختياره للأربع حل الباقي للأزواج ، فإذا قدر الله أنه حصل العقد على الباقي من رجل آخر فتبين أن المختارات أخوات فله أن يختار من حصل العقد عليها وترجع له ولا يفوتها إلا وطء أو تلذذ الثاني ما لم يكن حين وطئه أو تلذذه عالما بأن مختارات من أسلم أخوات فلا تفوت بذلك ، ثم إذا لم يدخل الثاني ، وقلنا : إنها ترجع للأول يفسخ نكاح الثاني بطلاق ; لأنه مختلف فيه ; لأن بعضهم يقول بالفوات بمجرد العقد كما يأتي كما أن هناك من يقول : إنها لا تفوت على الأول بدخول الثاني .

( قوله : أي ويتلذذ إلخ ) ما ذكره من أنه لا بد في الفوت من التلذذ تبع فيه تت قائلا صرح ابن فرحون بتشهيره واعترضه طفى بأن الصواب إبقاء المصنف على ظاهره ، وبه صرح اللخمي وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة فظاهر كلامهم أو صريحه أن مجرد التزوج فوت ، إذ لو كان يعتبر التلذذ معه لما أغفلوه ولا تقوم الحجة على المؤلف بتشهير ابن فرحون ا هـ بن .

والحاصل أن المسألة ذات أقوال ثلاثة قيل إنها تفوت على الأول بمجرد التزوج أي العقد وقيل لا تفوت إلا بالدخول أو التلذذ وقيل إنها لا تفوت على الأول أصلا ولا بدخول الثاني ، ثم إن ابن الحاجب بعد أن ذكر هذا الخلاف قال : قال اللخمي فإن فارقها بطلاق وبانت فلا كلام في فواتها بالعقد وذلك لأن الطلاق ، وإن عد اختيارا لازم فكأنه اختارها وطلقها ، ثم تزوجت .

( قوله : بما ذكر ) أي بأن من فارقها له اختيارها .

( قوله : وباقي الأربع ) أي ويختار باقي الأربع .

( قوله : ولا شيء لغيرهن إن لم يدخل به ) حاصله أن المسلم إذا اختار أربعا وفارق الباقي فلا شيء لغير المختارات حيث لم يدخل بذلك الغير ; لأن الفرقة هنا فسخ بلا طلاق والفسخ قبل البناء لا شيء فيه .

( قوله : فإن دخل ) أي بغير المختارات وقوله : فلها أي فللمدخول بها صداقها وهذه مفهوم الشرط فإن اختار واحدة وفارق الباقي قبل البناء كان للباقي من العشرة صداق ونصف صداق يقسم بينهن ، وإن اختار اثنتين كان للباقي صداق ، وإن اختار ثلاثا كان للباقي نصف صداق .

( قوله : فإن لم يختر شيئا أصلا ) هذه مفهوم المصنف ; لأن قوله ولا شيء لغيرهن يقتضي أنه اختار بعضهن .

( قوله : إذ في عصمته شرعا أربع ) أي أربع نسوة اختار فراقهن قبل البناء فلهن صداقان وهن غير معينات فيقسم الصداقان على العشرة لكل واحدة خمس صداقها .

( قوله : كاختياره واحدة إلخ ) حاصله أنه إذا تزوج أربع رضيعات في عقد أو عقود نكاحا صحيحا ، ثم أرضعتهن امرأة فإنه يختار منهن واحدة ويفارق الباقي ولا شيء لمن فارقها ; لأنه فسخ قبل الدخول والزوج مغلوب عليه وما هذا شأنه لا شيء فيه والفسخ هنا بغير طلاق عند ابن القاسم وقال غيره : إنه بطلاق فلو مات قبل أن يختار واحدة كان لهن صداق واحد يقتسمنه أرباعا ; لأن واحدة منهن زوجة ولا كلام إلا أنها غير معينة فلو طلقن قبل الدخول [ ص: 274 ] وقبل أن يختاروا واحدة لزمه نصف صداق يقتسمنه أرباعا وكلام المؤلف فيما إذا كانت المرضعة ممن لا يحرم رضاعها على الزوج وإلا لم يختر منهن واحدة كما لو أرضعتهن أمه أو أخته ولا شيء لواحدة من الصداق ، إذ لا يصح أن تكون واحدة منهن زوجة له .

( قوله : وبعد عقده عليهن أرضعتهن امرأة ) أي فإن أرضعتهن قبل العقد فإن عقد عليهن عقدا واحدا فسخ الجميع كما مر ، وإن جمعهن في عقود فسخ نكاح ما عدا نكاح الأولى .

( قوله : أربع صداقات ) أي أنه ليس في عصمته شرعا لا أربع غير معينات .

( قوله : إن مات ولم يختر ) الظاهر في مفهومه أنه إذا اختار اثنتين ، ثم مات أنه لا شيء للثمان ; لأن اختيار اثنتين يدل على مفارقة الثمان لقول التوضيح بمجرد اختياره تبين البواقي ، وكذا في كلام ابن عرفة قاله الشيخ ابن رحال ا هـ بن .

( قوله : فإذا كن عشرة ) أي فإذا كان من أسلم عليهن ومات ولم يختر منهن عشرة .

( قوله : فلكل واحدة خمسا صداقها ) بهذا سقط ما يقال كلام المصنف ظاهر إذا كانت الصداقات متحدة وإذا كانت مختلفة فالمراعى هل الكثير أو القليل أو القرعة .

وحاصل الجواب أنه لا يراعى شيء من ذلك وإنما عليه إذا كان النساء عشرا لكل واحدة خمسا صداقها ومجموع ذلك أربعة أصدقة .

( قوله : ثلثا صداقها ) أي بنسبة أربع صداقات إلى الستة وإذا كن ثمانية كان لكل واحدة نصف صداقها بنسبة الأربعة للثمانية وإذا كن تسعة كان لكل واحدة أربعة أتساع صداقها بنسبة الأربعة للتسعة وإذا كن أربعة كان لكل واحدة صداقها كاملا .

( قوله : وهذا ) أي كون كل واحدة لها خمسا صداقها أو ثلثا صداقها إذا لم يكن إلخ .

( قوله : وإلا فللمدخول إلخ ) أي وإلا بأن دخل أي قبل إسلامه ، وأما إن كان الدخول بعد إسلامه فلمن دخل بها الصداق كاملا ولغيرها من صداقها بنسبة قسمة باقي الأصدقة الأربعة على عدد من لم يدخل بها فإذا دخل بواحدة بعد إسلامه وهن عشرة ومات ولم يختر شيئا بعد الدخول بها فللمدخول بها الصداق ولكل واحدة ممن لم يدخل بها ثلث صداقها ، إذ الخارج بقسمة ثلاثة على تسعة ثلث وإذا دخل باثنتين كان لكل واحدة منهما صداقها وللباقي ربع صداقها ، إذ هو الخارج بقسمة اثنتين على ثمانية ، وهكذا العمل إن دخل بثالثة ، وأما إن دخل بأربع فلا شيء لمن لم يدخل بها ; لأن دخوله بعد الإسلام اختيار ، وقد اختار أربعا بدخوله بهن والحاصل أن الدخول بعد الإسلام اختيار فإذا دخل بأربع كان اختيارا لهن فلا صداق لغيرهن ، وإن دخل بأقل من أربع كانت المدخول بها مختارة فلها صداق كامل ولغيرها من صداقها بنسبة قسمة باقي الأصدقة الأربعة على عدد من لم يدخل بها ، وأما الدخول قبل الإسلام فليس اختيارا فما زال أربعة شائعة في العشر مثلا فلكل واحدة من الأربعة الأصدقة بنسبة قسمتها على عددهم ويكمل للمدخول بها صداقها فقط .

( قوله : ولغيرها خمسا صداقها ) أي إذا مات عن عشر ولم يختر فكل من دخل بها لها صداق كامل ، ولو دخل بأربع ومن لم يدخل بها لها خمسا صداقها وقوله : أو ثلثاه أي إذا مات عن ست ولم يختر فكل من دخل بها لها صداق كامل ، ولو دخل بأربع وكل من لم يدخل بها لها ثلثا صداقها وإذا مات عن تسع فكل من دخل بها لها صداق كامل ومن لم يدخل بها لها أربعة أتساع صداقها .

( قوله : ولا إرث إن تخلف إلخ ) يعني أنه لو أسلم عن عشر كتابيات [ ص: 275 ] فأسلم منهن ست وتخلف عن الإسلام أربع ، ثم مات قبل أن يختار منهن فإنه لا إرث لجميعهن أما الكتابيات فلأن الكافر لا يرث المسلم ، وأما المسلمات فلاحتمال أن يختار الكتابيات وهن غاية ما يختار فوقع الشك في سبب الإرث ولا إرث مع الشك .

( قوله : وقد طلق إحداهما ) أي قبل البناء وذلك بأن قال لإحداهما أنت طالق ومات قبل البناء ولم تعلم المطلقة من غيرها أو طلقها بعد البناء طلاقا بائنا أو رجعيا وانقضت العدة قبل موته ، ثم مات ولم تعلم المطلقة من غيرها فقول الشارح بائنا أي أو كان الطلاق بعد البناء وكان بائنا أو رجعيا وانقضت العدة والحال أنه لم تعلم المطلقة من غيرها .

( قوله : وانقضت العدة ) أما إذا كان رجعيا ومات قبل انقضاء العدة فلا التباس والإرث كله للمسلمة ; لأنه على احتمال أن تكون المطلقة هي الكتابية فالميراث كله للمسلمة وعلى احتمال كون المطلقة هي المسلمة والعدة لم تنقض فلها الميراث أيضا .

( قوله : لا إن طلق إلخ ) هذا عطف على قوله إن تخلف فهذه المسألة مخرجة من عدم الإرث فالإرث فيها ثابت لعدم الشك في سببه وإنما الشك في تعين مستحقه ، وصورة المسألة أنه طلق إحدى زوجتيه المسلمتين طلاقا قاصرا عن الغاية وجهلت المطلقة بأن قال : إحداكما طالق وادعى أنه قصد واحدة بعينها ولم يعينها للبينة والحال أنه دخل بإحداهما وعلمت ، ثم مات المطلق قبل أن تنقضي عدة الطلاق ، وقد علمت أن هذا الطلاق رجعي بالنسبة للمدخول بها وبائن بالنسبة لغيرها فللمدخول بها الصداق إلى آخر ما قال المصنف .

( قوله : أنا لم أطلق بائنا ) الأولى أن يقول وتقول أنا لم أطلق أصلا وأنت قد طلقت طلاقا بائنا .

( قوله : وثلاثة أرباع الميراث ولغيرها ربعه إلخ ) ما درج عليه المؤلف تبعا لابن الحاجب نحوه في كتاب الأيمان والطلاق من المدونة وقال في التوضيح إنه المشهور ودرج في آخر الشهادات على خلاف هذا وأنه يقسم على الدعوى كالعول وصرحوا بمشهوريته فيه أيضا قاله طفى وعليه فللمدخول بها ثلثا الميراث ولغيرها ثلثه ; لأن الأولى تدعي أن لها كل الميراث والثانية تدعي أن لها نصفه فإذا ضم النصف للكل ونسب النصف للمجموع كان ثلثا وإذا نسب الكل للمجموع كان ثلثين ، وكذا يقال في قوله ولها ثلاثة أرباع الصداق أنه مبني على القول بأن القسم على التنازع ، وأما على القول بأنه على الدعوى فلغير المدخول بها من الصداق ثلثاه وللورثة ثلثه .

( قوله : فالصداق على ما ذكره المصنف ) أي من أن للمدخول بها الصداق كاملا للدخول من غير منازعة وغير المدخول بها تدعي أنها غير مطلقة فلها الصداق كاملا بالموت والوارث يقول : أنت المطلقة فلك نصفه فقط فالنصف مسلم إليها والنصف الثاني فيه النزاع فيقسم بينها وبين الوارث .

( قوله : والميراث بينهما نصفين ) أي لأن كل واحدة تدعي أنها غير المطلقة وأنها تأخذ الميراث بتمامه وحينئذ فيقسم بينهما .

( قوله : وكذا لو كان بائنا ) أي وجهلت المطلقة ودخل بإحداهما وعلمت .

( قوله : وإن لم يدخل بواحدة فلكل واحدة ثلاثة أرباع الصداق ) أي لأن كل واحدة تدعي أنها غير المطلقة فتستحق الصداق كاملا بالموت ، والوارث يدعي أنها المطلقة فلا تستحق إلا نصفه فالنصف مسلم لها والتنازع في النصف الثاني فيقسم وقوله : والميراث بينهما أي لما تقدم في المسألة السابقة .

( تنبيه ) تكلم المصنف والشارح على ما إذا جهلت المطلقة وعلم المدخول بها ، وأما لو علمت المطلقة وجهل المدخول بها فللتي لم تطلق الصداق كاملا وللمطلقة ثلاثة أرباع الصداق للنزاع في النصف الثاني لاحتمال عدم دخولها ، وإن جهل كل من المطلقة والمدخول بها فلكل واحدة سبعة أثمان صداقها ; لأنهما يقولان المطلقة من دخلت فيكمل للثانية صداقها ويقول الوارث لكما صداق ونصف والمطلقة لم تدخل [ ص: 276 ] فتنازعهما في نصف فيقسم فلهما صداق وثلاثة أرباع يتنازعان فيهما فيقسمان ذلك بينهما والميراث بينهما مناصفة في المسألة الثالثة وثلاثة أرباعه للتي لم تطلق في المسألة الأولى تأمل




الخدمات العلمية