الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( فإن ) ( تعذر ) الإصلاح نظرا ( فإن أساء الزوج ) عليها ( طلقا ) عليه ( بلا خلع ) أي بلا مال يأخذانه منها له لظلمه ( وبالعكس ) بأن كانت الإساءة منها فقط ( ائتمناه عليها ) وأمراه بالصبر وحسن المعاشرة ( أو خالعا له بنظرهما ) في قدر المخالع به ولو زاد على الصداق إن أحب الزوج الفراق أو علما أنها لا تستقيم معه ( وإن أساءا معا ) أي حصلت الإساءة من كل ولو غلبت من أحدهما على الآخر ( فهل يتعين ) عند العجز عن الإصلاح ( الطلاق بلا خلع ) أي إن لم ترض بالمقام معه ( أو لهما أن يخالعا بالنظر ) على شيء يسير منها له ( وعليه الأكثر تأويلان ) وفي الشبرخيتي أن قوله وعليه الأكثر راجع للقول الأول ولم نر في كلامهم رجوعه للثاني أي فكان على المصنف تقديمه على قوله أو لهما إلخ ( وأتيا الحاكم ) [ ص: 346 ] إن شاءا ( فأخبراه ) بما فعلا ( ونفذ حكمهما ) وجوبا ولا يجوز له معارضته ونقضه ولو كان حكمهما مخالفا لمذهبه وقيل ليرفع الخلاف اتفاقا لأن في رفع حكم الحكمين الخلاف خلافا ( وللزوجين إقامة ) حكم ( واحد ) من غير رفع للحاكم ( على الصفة ) المتقدمة من كونه عدلا رشيدا ذكرا فقيها بذلك .

التالي السابق


. ( قوله فإن أساء الزوج ) أي فإن تبين تحقيقا أن الإساءة من الزوج ( قوله ائتمناه عليها ) أي إن رأياه صلاحا . ( قوله أو خالعا له ) أو فيه للتنويع بحسب نظريهما قاله شيخنا العدوي ( قوله ولو غلبت من أحدهما ) أي هذا إذا استويا فيها أو جهل الحال بل ولو غلبت من أحدهما والذي في المج أن محل الخلاف إذا استوت إساءتهما وإلا اعتبر الزائد .

( قوله بلا خلع ) التعيين منصب على [ ص: 346 ] قوله بلا خلع ، وأما الطلاق فهو بإرادة الزوجين ، وقوله أو لهما اللام بمعنى على كما في الشيخ أحمد الزرقاني أي أو عليهما أن يخالعا بالنظر ا هـ شيخنا عدوي فإن قلت إن كلام المصنف هنا يفيد أنه يجوز للحكمين الطلاق ابتداء وهو يعارض ما يأتي له في باب القضاء من أن المحكم لا يجوز له أن يحكم في الطلاق ابتداء فإن حكم مضى حكمه . والجواب أن ما هنا الطلاق ليس مقصودا بالذات من التحكم بل أمر جر إليه الحال وإنما المقصود بالذات من التحكيم الإصلاح فلذا جاز لهما ابتداء الطلاق وما يأتي المقصود بالذات من التحكم الطلاق فإذا ادعت مرأة أن زوجها طلقها وأنكر وأرادت إثبات ذلك عليه وحكما محكما لينظر بينهما في ذلك لم يجز له الحكم في ذلك ابتداء لأنه صار مقصودا بالذات من التحكيم فإن وقع وحكم فيه مضى حكمه .

( قوله إن شاءا ) قال عبق وخش وبقولنا إن شاءا يندفع معارضة ما هنا لقوله فيما مر ونفذ طلاقهما وإن لم يرض الزوجان والحاكم ا هـ ، وهذا الجواب الذي ذكراه فيه نظر لأن كلام المتيطية وغيرها يدل على أنهما مطلوبان بالإتيان لا إن شاءا فقط على أن هذا الجواب لا يدفع لأنهما هما اللذان ينفذان الحكم وإن لم يرض الحاكم كما تقدم فالحق في دفع المعارضة ما ذكره سيدي عبد الرحمن الفاسي من أن قوله ونفذ حكمهما معناه أمضاه من غير تعقب بمعنى أنه ينفذه ولا بد وإن خالف مذهبه فلا ينافي أنه ينفذ وإن لم يرض الحاكم انظر بن والحاصل أنه يجب على الحكمين أن يأتيا للحاكم الذي أرسلهما فيخبراه بما فعلا ليحتاط علمه بالقضية فإذا أخبراه وجب عليه إمضاؤه من غير تعقب وإن خالف مذهبه ( قوله ونفذ حكمهما ) أي بأن يقول الحاكم حكمت بما حكمتما به ، وأما إن قال نفذت ما حكمتما به فإنه لا يرفع الخلاف ( قوله وقيل إلخ ) مقابل لقوله ولا يجوز له معارضته أي أن معنى قول المصنف ونفذ حكمهما معناه أنه يمضيه ولا بد ولا يجوز له معارضته أو أن المراد ونفذ حكمهما بأن يقول حكمت بما حكمتما به لأجل أن يرتفع الخلاف ( قوله إقامة واحد ) ظاهره كان قريبا منهما أو أجنبيا وقيل إذا كان أجنبيا فقط . ( قوله على الصفة المتقدمة ) أي ويفعل ذلك الحكم ما يفعله الحكمان من الإصلاح بينهما فإن تعذر طلق مجانا أو بمال على ما مر من الأقسام الثلاثة كما يدل عليه كلام المدونة انظر المواق




الخدمات العلمية