الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
النوع الثاني الصيام وإليه أشار بقوله ( ثم لمعسر عنه ) أي عن العتق ( وقت الأداء ) للكفارة أي إخراجها ( لا قادر ) عليه بأن كان عنده رقبة ، أو ثمنها أو ما يساوي ثمنها من شيء غير محتاج إليه بل ( وإن ) كانت قدرته على العتق ( بملك ) شيء ( محتاج إليه ) من عبد أو غيره ( لكمرض ومنصب ) ومسكن لا فضل فيه وكتب فقه وحديث محتاج لها ( أو ) كانت قدرته عليه ( بملك رقبة فقط ) لا يملك غيرها ( ظاهر منها ) بحيث اتحد محل الظهار وتعلق الكفارة فيعتقها عن ظهاره منها ، ولا ينتقل للصوم ، فإذا تزوجها بعد العتق حلت له بلا كفارة ( صوم شهرين ) عطف على : " إعتاق " بثم وكذا قوله : الآتي ثم تمليك فهو خبر عن قوله وهي أي الكفارة أنواع ثلاثة مرتبة إعتاق ثم صوم كائن لمعسر ( بالهلال ) كاملين أو ناقصين حال كون صومهما ( منوي التتابع ) وجوبا ( و ) منوي ( الكفارة ) عن الظهار ويكفي نية ذلك في أول ليلة من الشهرين ( و ) لو ابتدأ الصوم في أثناء شهر ( تمم ) الشهر ( الأول إن انكسر من ) الشهر ( الثالث ) وكذا لو مرض أثناء أحدهما أو فيهما فإنه يتمم ما مرض فيه ثلاثين يوما

التالي السابق


( قوله : ثم لمعسر عنه ) عداه بعن لا بالباء مع أن مادة المعسر تتعدى بها لتضمنه معنى عاجز ( قوله : وقت الأداء ) أشار بهذا إلى أن المعتبر في العجز عن الكفارة وقت إخراجها فمتى كان وقت أدائها عاجزا عن العتق صح له أن يكفر بالصوم ولو كان وقت الوجوب قادرا على العتق ، فإن كان وقت الأداء قادرا على العتق فلا يجزيه الصوم ولو كان وقت الوجوب عاجزا عن العتق ، وقيل : المعتبر في العجز عن العتق وقت الوجوب ، وهو العود فإذا كان وقت العود عاجزا عن العتق أجزأه الصوم ، ولو قدر على العتق وقت الأداء ، وإن قدر على العتق وقت العود فلا يجزيه الصوم ، وإن كان وقت الأداء عاجزا عن العتق والمعتمد الأول الذي مشى عليه المصنف ( قوله : لا قادر عليه ) أي على العتق واعلم أن القادر مقابل للعاجز لا للمعسر فصرح المصنف به ليدل على أنه ضمن معسر معنى عاجز ولأنه مفهوم غير شرط ، ولأجل أن يرتب عليه ما بعده من المبالغة .

( قوله : أو غيره ) أي كدابة احتاج كل منهما لكمرض ( قوله : ومسكن ) عطف على عبد وقوله : لا فضل فيه أي لا زيادة فيه على ما يسكنه ولا شك أن المسكن المذكور محتاج له للسكنى فيه وقوله : محتاج لها أي للمراجعة فيها ( قوله : أو بملك رقبة فقط ظاهر منها ) اعترض بأن عتقها كفارة مشروط بالعزم على وطئها ، والعزم على وطئها حرام ; لأنها بعد الكفارة تكون أجنبية منه بالعتق ، وإذا حرم وطؤها بعد حرم العزم على وطئها ; لأن العزم على الحرام حرام وحينئذ فلا يكون العزم عودا فلا تتأتى الكفارة بها فلا يلزمه أن يعتقها ; لأن الكفارة إنما تجب بالعود ولا عود هنا

وأجيب بأنا لا نسلم حرمة العود هنا ; لأن الحرمة إنما تكون بوطئها بعد العتق بالفعل لزوال الملك به ، والعزم على الوطء سابق على العتق ; لأنه شرط الكفارة ، والشرط مقدم على المشروط ، وهي حال العزم في ملكه ، وشرط التناقض اتحاد الزمان .

( قوله : بعد العتق ) أي بعد عتقها كفارة عن ظهارها ( قوله : ويكفي نية ذلك ) أي نية التتابع ، ونية كون الصوم كفارة عن الظهار ( قوله : تمم الأول ) أي ثلاثين يوما ( قوله : إن انكسر ) أي إن حصل فيه انكسار بأن لم يبتدئ الصوم من أول الشهر بل من أثنائه




الخدمات العلمية