الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7034 ) فصل : إذا ردت الأيمان على المدعى عليهم ، وكان عمدا ، لم تجز على أكثر من واحد ، فيحلف خمسين يمينا ، وإن كانت عن غير عمد ، كالخطإ وشبه العمد ، فظاهر كلام الخرقي ، أنه لا قسامة في هذا ; لأن القسامة من شرطها اللوث ، والعداوة ، إنما أثرها في تعمد القتل ، لا في خطئه ، فإن احتمال الخطإ في العمد وغيره سواء . وقال غيره من أصحابنا : فيه قسامة . وهو قول الشافعي ; لأن اللوث لا يختص العداوة عندهم . فعلى هذا تجوز الدعوى على جماعة ، فإذا ادعي على جماعة ، لزم كل واحد منهم خمسون يمينا .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : تقسم الأيمان بينهم بالحصص ، كقسمها بين المدعين ، إلا أنها هاهنا تقسم بالسوية ; لأن المدعى عليهم متساوون فيها ، فهم كبني الميت . وللشافعي قولان ، كالوجهين . والحجة لهذا القول ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { تبرئكم يهود بخمسين يمينا } . وفي لفظ قال : { فيحلفون لكم خمسين يمينا ، ويبرءون من دمه } . ولأنهم أحد المتداعيين في القسامة ، فتسقط الأيمان على عددهم ، كالمدعين .

                                                                                                                                            وقال مالك : يحلف من المدعى عليهم خمسون رجلا خمسين يمينا ، فإن لم يبلغوا خمسين رجلا ، رددت على من حلف منهم حتى تكمل خمسين يمينا ، فإن لم يوجد أحد يحلف إلا الذي ادعي عليه ، حلف وحده خمسين يمينا ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { فتبرئكم يهود بخمسين يمينا } . ولنا ، أن هذه أيمان يبرئ بها كل واحد نفسه من القتل ، فكان على كل واحد خمسون ، كما لو ادعي على كل واحد وحده قتيل ; ولأنه لا يبرئ المدعى عليه حال الاشتراك إلا ما يبرئه حال الانفراد ، ولأن كل واحد منهم يحلف على غير ما حلف عليه صاحبه ، بخلاف المدعين ، فإن أيمانهم على شيء واحد ، فلا يلزم من تلفيقها تلفيق ما يختلف مدلوله أو مقصوده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية