الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وذكر عن محمد رحمه الله أنه يستحلف المجوسي بالله الذي خلق النار ; لأنهم يعظمون النار ، وليس عن أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله خلاف ذلك في الظاهر إلا أنه روى عن أبي حنيفة رحمه الله في النوادر قال لا يستحلف أحد إلا بالله خالصا ; فلهذا قال بعض مشايخنا لا ينبغي أن يذكر النار عند اليمين ; لأن المقصود تعظيم المقسم به والنار كغيرها من المخلوقات فكما لا يستحلف المسلم بالله الذي خلق الشمس . فكذلك لا يستحلف المجوسي بالله الذي خلق النار وكأنه وقع عند محمد رحمه الله أنهم يعظمون النار تعظيم العبادة فالمقصود النكول قال بذكر ذلك في اليمين . فأما المسلمون لا يعظمون شيئا من المخلوقات تعظيم العبادة ; فلهذا لا يذكر شيء من ذلك في استحلاف المسلم وغير هؤلاء من أهل الشرك يحلفون بالله فإنهم يعظمون الله تعالى كما قال عز وجل { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } ، وإنما يعبدون الأصنام تقربا إلى الله تعالى بزعمهم قال الله تعالى { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } فيمتنعون من الحلف بالله كاذبا ويحصل به المقصود وهو النكول ولا يستحلف المجوسي في بيت النار ; لأن الاستحلاف عند القاضي والقاضي ممنوع من أن يدخل ذلك الموضع ، وفي ذلك معنى تعظيم النار . وإذا كان لا يدخله المسجد مع أنا أمرنا بتعظيم هذه البقعة فلئلا يدخل المجوسي بيت النار عند الاستحلاف ، وقد نهينا عن تعظيمها أولى والحر

التالي السابق


الخدمات العلمية