الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن استأجره بالكوفة ليستخدمه كل شهر بأجر مسمى ولم يشترط الخدمة بالكوفة فهو على الخدمة بالكوفة أيضا ، وليس له أن يسافر به ; لأن مطلق العقد ينصرف إلى المتعارف ، ولأنه بالعقد يستحق الاستخدام فقط والسفر به وراء الاستخدام وهو يلزم مولاه مؤنة الرد فلا يكون ذلك إلا عن شرط فإن سافر به بغير إذن مولاه فهو ضامن ولا أجر عليه لما قلنا ، وليس له أن يضرب العبد فإن ضربه بغير إذن صاحبه فعطب فهو ضامن ، ثم على قول أبي حنيفة رحمه الله ظاهر فقد بيناه في الدابة إن استأجرها إنه لو ضربها فعطبت ضمن عنده ففي العبد أولى وهما يفرقان فيقولان العبد مخاطب يؤمر وينهى فيفهم ذلك ولا يحتاج إلى ضربه عند الاستخدام عادة فلا يصير مأذونا فيه بمطلق العقد بخلاف الدابة فإنها لا تفهم الأمر والنهي ولا تتفاوت في السير إلا بالضرب فيكون له أن يضربها ضربا متعارفا .

وإن دفع الأجر عند غرة الشهر الأول إلى العبد فإن كان المولى هو الذي أجره لم يبرأ من الأجر ; لأن حقوق العقد في الإجارة تتعلق بالعاقد والعبد ليس بعاقد ولا مالك للأجر فالدفع إليه كالدفع [ ص: 55 ] إلى أجنبي آخر ، وإن كان العبد هو الذي أجر نفسه فهو بريء من الأجر ; لأنه هو العاقد وإليه قبض البدل بحكم العقد وله أن يكلفه كل شيء من خدمة البيت وبأمره أن يغسل ثوبه ، وأن يخيط ويخبز ويعجن إذا كان يحسن ذلك ويعلق على دابته وينزل بمتاعه من ظهر بيت ، أو يرقى به إليه ويحلب شاته ويستقي له من ماء البئر فهذا كله يعد من الخدمة وما يكون من الخدمة معلوم عند الناس باعتبار العادة ، وفي اشتراط تسمية كل ذلك عند العقد حرج والحرج مدفوع ، وليس له أن يقعده خياطا ولا في صناعة من الصناعات ، وإن كان حاذقا في ذلك ; لأنه استأجره للخدمة ، وهذا العمل من التجارة ليس من الخدمة في شيء ، وليس على المستأجر إطعامه إلا أن يتطوع بذلك ، أو يكون فيه عرفا ظاهرا فله أن يأمره بخدمة أضيافه ; لأن ذلك من خدمته فالإنسان يستأجر الخادم لينوب عنه فيما هو من حوائجه وخدمة أضيافه من جملة حوائجه وله أن يؤاجره من غيره للخدمة ; لأن هذا مما لا يتفاوت الناس فيه عادة كسكنى الدار ونحوه ، ولأن العبد عاقل لا ينقاد إذا كلف فوق طاقته ، وبعد الطاقة لا فرق بين أن يستخدمه المستأجر الأول والثاني .

التالي السابق


الخدمات العلمية