الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأما قول شريح ولا العبد لسيده فهو مجمع عليه ; لأن شهادة العبد لا تقبل لسيده ولا لغير سيده وحكي عن محمد بن سلمة رضي الله عنه قال كان يحيى بن أكثم رحمه الله أعلم الناس باختلاف العلماء رحمهم الله وكان إذا قال في شيء اتفق العلماء رحمهم الله على كذا نزل أهل العراق على قوله ، وقد قال اتفق العلماء على أن العبد لا شهادة له ، وقد يروى أن عليا وزيدا رضي الله تعالى عنهما اختلفا في المكاتب إذا أدى بعض بدل الكتابة فقال علي رضي الله عنه يعتق بقدر ما أدى منه . وقال زيد رضي الله عنه لا يعتق ما بقي عليه درهم فقال زيد لعلي رضي الله تعالى عنهما أرأيت لو شهد أكان تقبل بعض شهادته دون البعض فهذا دليل الاتفاق منهما على أن لا شهادة للعبد واختلف عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما في العبد إذا شهد في حادثة فردت شهادته ، ثم أعتق فأعادها فقال عثمان رضي الله عنه لا تقبل . وقال عمر رضي الله عنه تقبل فذلك اتفاق منهما على أنه لا شهادة للعبد وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال لا شهادة للعبد ، وهذا ; لأن في الشهادة معنى الولاية فإنه قول ملزم على الغير ابتداء ، وليس معنى الولاية إلا هذا والرق يبقي الولاية فالأصل ولاية المرء على نفسه . فإذا كان الرق يخرجه من أن يكون أهلا للولاية على نفسه فعلى غيره أولى ، وقد استدلوا في الكتاب على أن العبد ليس من أهل الشهادة بقوله تعالى { ولا يأب الشهداء إذا ما [ ص: 125 ] دعوا } والعبد لا يدخل في هذا الخطاب ; لأن خدمته ومنفعته لمولاه فلا يجب عليه الحضور لأداء الشهادة ، وإن دعي إلى ذلك بل لا يحل له ذلك ; لأن منافعه في هذا الزمان غير مستثنى من حق المولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية