الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. وإذا أتى كتاب القاضي إلى القاضي ، وليس عليه عنوان وهو مختوم بخاتمه فشهدت الشهود أنه كتابه إليه وخاتمه فإنه يفتحه ; لأنه لو كان على ظهره عنوان فيه لا يصير معلوما محكوما أنه كتاب القاضي إليه ، وإنما يصير معلوما [ ص: 101 ] بشهادة الشهود . فكذلك إذا لم يكن عليه عنوان ، وقد ترك بعض القضاة كتبه العنوان على ظاهر الكتاب لغرض له في ذلك ، وليس على عنوان الظاهر اعتماد فإنه ليس يجب الختم فإن فتح الكتاب فلم يكن في داخله اسم الكاتب والمكتوب إليه ، أو كان فيه اسمهما دون اسم أبيهما لم يقبله ; لأنه إنما يقبل كتاب القاضي إليه ولا يصير ذلك معلوما إلا بالعنوان في داخله على وجه يحصل به تعريف الكاتب والمكتوب إليه . فإذا لم يكن ذلك لا يقبله

والحاصل أن العنوان الداخل عليه الاعتماد ; لأنه تحت الختم يؤمن فيه تغيير ذلك . فإذا كان فيه تعريفا تاما يقبل الكتاب وإلا فلا ، وإن كان فيه أسماؤهما وأسماء آبائهما قبله إذا شهدت الشهود على ما في جوفه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ، وإن كان فيه كنايتهما دون أسمائهما لم يقبله فالتعريف لا يحصل بذلك على ما قيل المكني بأكنى إلا أن يكون مشهورا كشهرة أبي حنيفة رحمه الله فحينئذ يقبل ذلك للشهرة ، وإن كان فيه من فلان إلى ابن فلان لم يجز ; لأنه لا يصير معلوما بهذا فقد ينسب الفلان إلى الأب الأدنى ، وقد ينسب إلى من فوقه ، وقد يكون لابنه بنون سواه فإن كان مشهورا مثل ابن أبي ليلى وابن شبرمة رحمهما الله جاز ذلك لحصول المقصود بذكر ما هو مشهور ، ولو كتب اسم القاضي ونسبه إلى جده ولم ينسبه إلى أبيه لم يجز ; لأن التعريف يحصل بالنسبة إلى الأب الأدنى فالنسبة إليه حقيقة وإلى الجد مجازا .

( ألا ترى ) أنه ينفى عنه بإثبات غيره ، ولو كان على عنوانه أسماؤهما وأسماء آبائهما لم يجز ذلك إلا أن يكون ذلك في داخله ; لأن العنوان الظاهر ليس تحت الختم فوجوده وعدمه سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية