وإذا طلب الرجل شفعة في دار وأقام شاهدين على الشراء واختلفا في الثمن ، أو في البائع  فشهادتهما باطلة لاختلافهما في المشهود به ; لأن المدعي مكذب أحدهما لا محالة ، ولو اتفقا على الإقرار بالشراء من واحد بمال واختلفا فقال أحدهما كنا جميعا في مكان كذا . وقال الآخر كنا فرادى أو قال أحدهما كنا في البيت . وقال الآخر في المسجد ، أو قال أحدهما كان ذلك بالغداة . وقال الآخر كان بالعشي فشهادتهما جائزة ; لأنهما اتفقا في المشهود به وهو الإقرار واختلفا فيما لم يكلفا حفظه وفعله في الوقت والمكان فلا يقدح ذلك في شهادتهما كما لو اختلفا في الثياب التي كانت عليهما ، أو المراكب أو فيمن حضرهما وبيان الوصف أنهما لو سكتا عن بيان الوقت والمكان والوصف لم يسألهما القاضي عن ذلك ، ولو سألهما فقالا لا نحفظ ذلك لا تبطل شهادتهما ، ثم ذكر بعض مسائل أدب القاضي وروى فيه حديث الشعبي  رحمه الله في كتاب  عمر  إلى  معاوية  رضي الله عنهما في القضاء ، وقد تقدم بيان ذلك في أدب القاضي وذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { من الحزم أن يستشير أولى الرأي ، ثم يطيعهم   } ، وفيه دليل أنه لا ينبغي للقاضي أن يترك الاستشارة ، وكذلك غير القاضي إذا حزبه أمر فالمشورة تلقيح للعقول ، وقد قال صلى الله عليه وسلم { ما هلك امرؤ عن مشورة   } { وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه رضي الله عنهم في كل شيء حتى في قوت أهله وإدامهم   } ، وفيه دليل على أنه إنما يستشار أولى الرأي الكامل ويتحرز عن مشورة ناقصات العقل من النسوان ، وأن من استشار أولى الرأي الكامل من الرجال فعليه أن يطيعهم إذا لم يتهمهم فيما أشاروا عليه ; لأن فائدة المشورة لا تظهر إلا بالطاعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					