الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا تصدق الرجل في مرضه على رجل بألف درهم فقبضها ، ووهبها لذي رحم محرم منه ، وقبضها ، وهو غير وارث ثم أعتق عبدا ثم مات بدئ بالعتق في قولهم جميعا ; لأن سبب هذه الوصايا استوى في القوة ، وهو أن يجعل ذلك تبرع ، وهذا دليل لأبي حنيفة رحمه الله في أنه ينظر إلى السبب دون الحكم فإن الهبة لذي الرحم المحرم ، والصدقة لا رجوع فيها بخلاف سائر الوصايا ثم مع ذلك يستوي بينهما ، وبين سائر الوصايا إلا أنهما يقولان التصدق والهبة تمليك فيكون محتملا للرجوع فيه إلا أن حصول المقصود به ، وهو نيل الثواب وصلة الرحم لا يرجع فيه لا أنه غير محتمل للفسخ بخلاف العتق فإنه إسقاط للرق والمسقط يتلافى ما يتصور فلا يتصور الرجوع فيه ، ولو لم يعتق مع الهبة والصدقة ، ولكنه حابى فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يبدأ بالمحاباة على كل حال ; لأن سببه عقد الضمان فيكون مقدما على التبرع ، وإن كان من أصله تقديم المحاباة على العتق إذا بدأ بها فلأن يقدم على سائر الوصايا أولى ، وعندهما يتحاصان صاحب المحاباة وصاحب الهبة والصدقة ; لأن المحاباة عندهما كغيرها من الوصايا سوى العتق ، وقد استوت في الحكم فإن الموصي لا ينفرد بفسخ الهبة والصدقة كما لا ينفرد بفسخ البيع الذي فيه المحاباة فيتحاصون في الثلث ، والله أعلم بالصواب

.

التالي السابق


الخدمات العلمية