الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال [ ص: 177 ] في صحته لأمة له حامل أنت حرة أو ما في بطنك ثم مات قبل أن يبين فالابنة حرة لا سبيل عليها لأنا قلنا بحريتها فإن الأم إن كانت هي المقصودة فهي حرة ، ويعتق من الأم نصفها لأنها تعتق في حال دون حال فتسعى في نصف قيمتها .

وإن كان قال ذلك في مرضه وقيمة كل واحد منهما ثلثمائة درهم ولا مال له غيرهما سعت الأم في ثلاثة أرباع قيمتها والابنة في ربع قيمتها لأن النصيب من الابنة يعتق بطريق التبعية ، وفي حال لائمة لا يعتبر الخروج من الثلث في هذا الوصف لأنا لو اعتبرنا ذلك جعلناه مقصودا ، وفيما هو تبع فيه لا يكون مقصودا ، ولأن بطريق التبعية إنما يعتق حال كونه تخلق في البطن ، وهو ليس بمال متقوم عند ذلك فإذا ثبت أنه لا يجعل هذا النصف مالا للمولى يبقى مال المولى فيه ونصف الثلث من ذلك ، وذلك نصف رقبة بينهما نصفان لأن كل واحد منهما يضرب في الثلث بنصف رقبته من الولد النصف بطريق التبعية والربع من الثلث فلهذا كان عليه السعاية في ربع قيمته .

ولو أعتق من الأم ربعها فتسعى في ثلاثة أرباع قيمتها فإن ماتت الأم قبل موت السيد ثم مات السيد سعت الابنة في ثلثي قيمتها لأن الأم حين ماتت قبل موت السيد وقد خرجت من أن تكون مستحقة لشيء من هذه الحرية ، وإنما كان يستحق الولد بطريق التبعية سعيا بناء على استحقاقها فإذا بطل ذلك في حقها بقي الولد كله مالا للمولى ، وقد أعتقه في مرضه ، ولا مال له سواه فيعتق ثلثه ، ويسعى في ثلثي قيمته .

ولو قال المولى قبل الموت قد أوقعت العتق على الابنة سعت الابنة في ثلث قيمتها ، وتكون بالأمانة لأن بتعين المولى خرجت الأم من أن تكون مستحقة لشيء من الحرية فلا يكون شيء من الولد تبعا لها أيضا ، وكان مال المولى رقبتها ، وقد عتقت الابنة في مرضه فينفذ العتق من ثلثه ، وثلث ماله ثلثان فيه للابنة ، وإن لم يوقع ، ولكن الابنة ماتت قبل السيد سعت الأم في ثلثي قيمتها لأن الابنة بموتها خرجت من أن تكون محلا أو مزاحما للأم فيتعين العتق في الأم ، ولا مال له سواهما جعلتها السعاية في ثلثي قيمتها فإن قال المولى في مرضه ، وهما حيان قد أوقعت العتق على الأم عتقت الابنة كلها بغير سعاية لأن ببيانه تعين العتق فيها من حين أوقع والابنة كانت في بطنها عند ذلك فتعتق كلها بطريق التبعية ، وعلى الأم أن تسعى في ثلثي قيمتها لأنه لا مال للمولى سوى رقبة الأم .

ولو لم يوقع العتق على واحد منهما حتى مات ثم ماتت الأم سعت الابنة في قول أبي حنيفة رحمه الله في جميع ما كان على الأم من السعاية لأن المستسعى عندهما حر عليه دين من السعاية ، وهي ثلاثة أرباع قيمتها لأن نصف الولد الذي هو تبع الأم لا يعتق إلا بعتق الأم . والأم [ ص: 178 ] لا تعتق إلا بأداء السعاية ، وهي قبل الأداء بمنزلة المكاتبة ، وولد المكاتبة بعد موت الأم يسعى فيما عليه لأنه لا ينال العتق إلا بذلك ، وعليه أن يسعى في ربع قيمته أيضا مع ثلاثة أرباع قيمة أمه لأن النصف الذي هو مقصود منه لا يعتق إلا بأداء السعاية ، وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لا يسعى الولد في شيء مما كان على الأم لأن المستسعى عندهما حر عليه دين ، وليس على ولد الحرة السعاية في دين الأم بعد موتها ، ولكنها تسعى في خمسي قيمتها لأن نصفها عتق بغير وصية والوصية في النصف الباقي ، وقد ماتت الأم مستوفية ، لوصيتها وهي نصف الثلث ، ويؤدي ما عليها من السعاية فإنما مال الميت نصف الولد يضرب فيه الولد بسهم والورثة بأربعة فيكون عليه السعاية في أربعة أخماس نصف قيمته ، وذلك خمسا جميع قيمته ، ولو لم تجب الأم ، ومات الولد سعت الأم في أربعة أخماس قيمتها لأن الولد مستوف لوصيته ، وقد توى ما عليه من السعاية فإنما تضرب الأم في رقبتها بنصف الثلث ، وذلك سهم والورثة بأربعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية