واختلف أصحابنا فيمن قال " لله علي بدنة " هل يجوز له نحرها بغير مكة  ؟  فقال  أبو حنيفة   ومحمد   : " يجوز له ذلك " وقال  أبو يوسف   : " لا يجوز له نحره إلا بمكة   " . ولم يختلفوا فيمن نذر هديا  أن عليه ذبحه بمكة  وأن من قال : " لله علي جزور   " أنه يذبحه حيث شاء . وروي عن  ابن عمر  أنه قال : " من نذر جزورا نحرها حيث شاء ، وإذا نذر بدنة نحرها بمكة   " ، وكذا روي عن  الحسن   وعطاء  ، وكذا روي عن عبد الله بن محمد بن علي  وسالم   وسعيد بن المسيب   . وروي عن  الحسن  أيضا  وسعيد بن المسيب  قالا : " إذا جعل على نفسه هديا فبمكة  وإذا قال بدنة فحيث نوى " . وقال  مجاهد   : " ليست البدن إلا بمكة   " . وذهب  أبو حنيفة  إلى أن البدنة بمنزلة الجزور ولا يقتضي إهداءها إلى موضع فكان بمنزلة ناذر الجزور والشاة ونحوها ، وأما الهدي فإنه يقتضي إهداءه إلى موضع ، وقال الله تعالى : هديا بالغ الكعبة  فجعل بلوغ الكعبة من صفة الهدي . ويحتج  لأبي يوسف  بقوله تعالى : والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير  فكان اسم البدنة مفيدا لكونها قربة كالهدي ؛ إذ كان اسم الهدي يقتضي كونه قربة مجعولا لله ، فلما لم يجز الهدي إلا بمكة  كان كذلك حكم البدنة . قال  أبو بكر   : وهذا لا يلزم من قبل أنه ليس كل ما كان ذبحه قربة فهو مختص بالحرم ؛ لأن الأضحية قربة ، وهي جائزة في سائر الأماكن ، فوصفه للبدن بأنها من شعائر الله لا يوجب تخصيصها بالحرم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					